للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويؤيد ذلك حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال: كنا مع النبي صلّى الله عليه وسلّم في سفر، فأراد المؤذن أن يؤذن للظهر، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «أبرد» ثم أراد أن يؤذن فقال له: «أبرد» حتى رأينا فيء التلول، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إن شدة الحر من فيح جهنم، فإذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة» (١).

قال ابن رجب: (وظاهر حديث أبي ذر الذي خرجه البخاري يدل على أنه يشرع الإبراد بالأذان عند إرادة الإبراد بالصلاة، فلا يؤذن إلا في وقت يُصَلَّى فيه، فإذا أُخِّرت الصلاة أُخر الأذان معها، وإن عُجِّلَتْ عُجِّل الأذان) (٢)، وعلى هذا فالأذان عند فعل الصلاة خاص بالسفر، وأما في الحضر فإن الأذان يكون عند حضور الصلاة، أي: دخول وقتها.

الوجه السادس: الحديث دليل على مشروعية الأذان للمسافر، وقد بوب البخاري على حديث مالك بن الحويرث بقوله: «باب من قال: ليؤذن في السفر مؤذن واحد»، وبقوله: «باب الأذان للمسافرين إذا كانوا جماعة والإقامة»، وساق في الباب الأخير هذا الحديث من طريق خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن مالك بلفظ: «إذا أنتما خرجتما فأذنا ثم أقيما، ثم ليؤمكما أكبركما» (٣)، ولفظه عند الترمذي من هذا الطريق: (قدمت على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنا وابن عم لي، فقال لنا: «إذا سافرتما فأذنا وأقيما، وليؤمكما أكبركما») (٤).

وقال الترمذي: (هذا حديث حسن صحيح، والعمل عليه عند أكثر أهل العلم: اختاروا الأذان في السفر).

ولأن النبي صلّى الله عليه وسلّم لم يدع الأذان ولا الإقامة حضراً ولا سفراً، ولأنهما من أعلام الدين الظاهرة.

قال ابن المنذر: (فالأذان والإقامة واجبان على كل جماعة في الحضر والسفر؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم أمر بالأذان، وأَمْرُهُ على الفرض .. ) (٥)، والله تعالى أعلم.


(١) أخرجه البخاري (٥٣٩).
(٢) "فتح الباري" (٤/ ٢٤٩).
(٣) "صحيح البخاري" (٣٦٠).
(٤) "جامع الترمذي" (٢٠٥).
(٥) "الأوسط" (٣/ ٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>