للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

واللبس والطهارة ونحو ذلك، ليتمكنوا من حضور الجماعة، وإدراك الصلاة من أولها.

والحديث وإن كان إسناده ضعيفاً إلا أن المعنى الذي من أجله شرع الأذان يقويه، فإن الأذان نداء لغير الحاضرين ليحضروا للصلاة، فلا بد من تقدير وقت يتسع للتأهب للصلاة وحضورها وإلا لضاعت الفائدة من النداء؛ لأن غالب الناس لا يقومون إلى الصلاة إلا عند سماع الأذان.

وقد ترجم البخاري في كتاب «الأذان» بقوله: بابٌ «كم بين الأذان والإقامة»؟ وساق فيه حديث عبد الله بن مغفل رضي الله عنه: «بين كل أذانين صلاة .. »، وحديث أنس رضي الله عنه في صلاة الصحابة ركعتين بعد أذان المغرب (١).

ونقل ابن بطال عن بعض الفقهاء أنه لا حدَّ لذلك أكثر من اجتماع الناس، وتمكن دخول الوقت (٢).

وقد دل فعل النبي صلّى الله عليه وسلّم على السنة في ذلك وعدم العجلة، ففي الفجر كان عليه الصلاة والسلام يصلي بعد الأذان سنة الفجر، ثم يضطجع على شقه الأيمن، وقد يتحدث مع عائشة رضي الله عنها ثم يخرج إلى الصلاة، وهذا ثابت في «الصحيحين».

وكان في المغرب - وهي أعجل الصلوات - ينتظر بعد الأذان وقتاً قليلاً، حتى إن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يركعون ركعتين قبل الإقامة، كما تقدم، وفي الظهر كان يؤخر الصلاة في السفر والحضر حتى يحصل الإبراد، فعلى من شرفه الله تعالى بإمامة الناس أن يعطيهم وقتاً مناسباً بعد الأذان ليتمكنوا فيه من الطهارة والحضور وإدراك الصلاة من أولها، وأداء السنة الراتبة بالنسبة للصلوات التي لها رواتب، كالفجر والظهر، ولا ينبغي له إطالة الانتظار بين الأذان والإقامة، لئلا يشق على الحاضرين، لا سيما من يأتي إلى المسجد متقدماً، والله تعالى أعلم.


(١) "فتح الباري" (٢/ ١٠٦).
(٢) "شرح ابن بطال على صحيح البخاري" (٢/ ٢٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>