للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (وفوق ظهر بيت الله) المراد به: الكعبة.

الوجه الثالث: حديث أبي سعيد رضي الله عنه دليل على أن الأرض كلها مسجد، فيجوز الصلاة في كل مكان من الأرض، وقد دل على هذا الحكم أحاديث كثيرة، ومنها حديث جابر رضي الله عنه في «الصحيحين»، وقد تقدم في باب «التيمم»، إلا ما استثناه الشارع، وهذا من نعم الله تعالى على هذه الأمة، وتيسيره عليها ورحمته بها؛ لأن الأمم السابقة لا يصلون إلا في أماكن معينة كالبِيَعِ والصوامع (١).

الوجه الرابع: الحديث دليل على تحريم الصلاة في المقبرة، وأنها لا تصح (٢) لأنه استثناها من عموم الأرض، سواء أكانت الصلاة على القبر أم بين القبور، والمراد بالمقبرة: ما يدفن فيها الموتى، ولو كان قبراً واحداً (٣)، أما لو عينت الأرض مقبرة ولم يبدأ بالدفن فيها فإنها تصح الصلاة فيها.

والحكمة من هذا النهي ما نص عليه المحققون من أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وغيرهما من أن العلة هي سد الذريعة عن عبادة أربابها؛ لأن ذلك من أعظم وسائل الشرك، ومشابهة المشركين.

وأما من اعتقد من الفقهاء أن سبب النهي كون المقبرة مظنة النجاسة لما يختلط بالتراب من صديد الموتى، أو قد تنبش وفيها صديد فينجس التراب فهذا التعليل ليس بشيء لأمور ثلاثة:

١ - أن الغالب أن المقابر تبقى على حالها ولا تنبش، وحتى لو نبشت لا دليل على نجاستها.

٢ - أن احتمال نجاسة الأرض لا يوجب كراهة الصلاة عليها، بل الأرض تطهر بما يصيبها من الشمس والريح والاستحالة (٤).

٣ - أنها لو كانت هذه هي العلة لما نهي عن الصلاة في مقابر الأنبياء؛


(١) انظر: "فتح الباري" (١/ ٤٣٧).
(٢) انظر: "الاقتضاء" (٢/ ٦٨٢).
(٣) انظر: "الشرح الممتع" (٢/ ٢٣٥).
(٤) انظر: "مجموع الفتاوى" (٢١/ ٣٢١ - ٣٢٣)، "إغاثة اللهفان" (١/ ١٥٨، ١٨٧ - ١٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>