للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الوجه الثاني: في تخريجه:

هذا الحديث أخرجه مسلم في كتاب «المساجد ومواضع الصلاة» باب «تحريم الكلام في الصلاة» (٥٣٧) من طريق يحيى بن أبي كثير، عن هلال بن أبي ميمونة - وهو هلال بن علي بن أسامة (١) ـ عن عطاء بن يسار، عن معاوية بن الحكم السلمي قال: بينا أنا أصلي مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذ عَطَسَ رجل من القوم، فقلت: يرحمك الله، فرماني القوم بأبصارهم، فقلت: واثُكْلَ أمِّياه، ما شأنكم تنظرون إليّ؟! فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم، فلما رأيتهم يُصمتونني، لكني سكت، فلما صلّى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فبأبي هو وأمي ما رأيت معلماً قبله ولا بعده أحسن تعليماً منه، فوالله ما كهرني، ولا ضربني، ولا شتمني، قال: «إن هذه الصلاة … » الحديث بطوله، وفيه ذكر الكهانة والطِّيَرة وقصة الجارية التي تقدم ذكرها.

الوجه الثالث: في شرح ألفاظه:

قوله: (واثكل أمِّياه) الثُّكْل: الحزن لفقد الولد، وأمياه: مضاف إلى ثكل، وأصله: أمّي، زيدت عليها ألف الندبة لمد الصوت، وأُردفت بهاء السكت الثابتة في الوقف، المحذوفة في الوصل.

قوله: (لكني سكت) معطوف على مقدر، أي: لم أتكلم لكني سكت.

وقوله: (ما كهرني) الكهر: الانتهار، ذكره أبو عبيد (٢).

الوجه الرابع: الحديث دليل على أن مخاطبة الناس في الصلاة عمداً ولو بالدعاء كتشميت العاطس يبطل الصلاة؛ لأنه ينافي مقصود الصلاة، فإن الصلاة صلة بين العبد وربه، وفي الكلام إعراض عن مناجاة الله تعالى، ومناجاته سبحانه أرفع درجات العبد، وقد قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إن أحدكم إذا قام في صلاته فإنه يناجي ربه» (٣).


(١) وإنما ذكره مسلم بكنيته؛ لأنه بها أشهر، كما قال ابن عبد البر في "التمهيد" (٢٢/ ٧٥).
(٢) "غريب الحديث" (٣/ ١١٤).
(٣) أخرجه البخاري (٥٣١)، ومسلم (٥٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>