للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اللديغ، ولذا قال علماء اللغة: لدغته العقرب: لسعته، ولدغته الحية: عضته.

والعقرب: دابة معروفة، تلسع بشوكة في طرف ذيلها، فتفرز مادة سامة، وهو لفظ يطلق على الذكر والأنثى.

الوجه الثالث: الحديث دليل على استحباب قتل الحية والعقرب في الصلاة؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم أمر بذلك في قوله: «اقتلوا .. »، ويغتفر في ذلك المشي اليسير أو أخذ النعل لضربها، ونحو ذلك.

ولعلّ الأمر بقتلهما والمسامحة عما يحصل من الحركة مقصود به مبادرة الفرصة قبل فواتها، كإنقاذ الغريق، وإطفاء الحريق، ونحو ذلك مما يفوت بفوات وقته؛ ولأن في قتلهما دَفْعَ انشغال الخاطر بهما، ولا سيّما في حال الصلاة، وإزالة الأذى.

وظاهر الحديث أن قتلهما غير مقيد بضربة أو ضربتين، لكن الظاهر أنه إن احتاج قتلهما إلى معالجة كثيرة فسدت صلاته، كما إذا قاتل في صلاته؛ لأنه عمل كثير ليس من أعمال الصلاة.

وكذا لو كانت الحية أو العقرب بعيدة ويخشى منها على نائم أو على طفل، فالذي يظهر من قواعد الشريعة أنه يقطع صلاته ويقتلها، كحالة الغرق أو الحريق أو العدو ونحو ذلك.

وقد أخرج عبد الرزاق عن معمر، عن قتادة قال: سألته، قلت: الرجل يصلي، فيرى صبياً على بئر يتخوف أن يسقط بها أينصرف؟ قال: نعم، قلت: فيرى سارقاً يريد أن يأخذ بغلته؟ قال: ينصرف (١)، وقد علق البخاري الجزء الثاني بمعناه (٢).

وقد ذكر الحافظ ابن حجر عن بعض الحنابلة أنه قال: (إنما يقطع صلاته إذا احتاج إلى عمل كثير في أخذ الشيء، فإن كان العمل يسيراً لم تبطل به الصلاة) (٣)، والله تعالى أعلم.


(١) "المصنَّف" (٢/ ٢٦٢).
(٢) انظر: "فتح الباري" (٣/ ٨١).
(٣) "فتح الباري" (٩/ ٣٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>