للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حديث أبي سعيد عند البخاري في (بدء الخلق) ولفظه: «إذا مرَّ بين يدي أحدكم شيء وهو يصلي فليمنعه، فإن أبى فليمنعه، فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان» (١)، وليس فيه تقييد الدفع بما إذا كان المصلي يصلي إلى سترة، وكذا حديث ابن عمر - المتقدم ـ، ولفظه: «إذا كان أحدكم يصلي فلا يدع أحداً يمر بين يديه، فإن أبى فليقاتله فإن معه القرين»، وليس فيه ذكر السترة.

فمن أهل العلم - ومنهم الحافظ ابن حجر - من قال: يحمل المطلق على المقيد، فلا يرد المار إلا إذا وضع سترة؛ لأن الذي يصلي إلى غير سترة مقصر في تركها.

وقال آخرون: لا يحمل المطلق على المقيد؛ لأن هذا قيد أغلبي، فلا مفهوم له في أنه إذا صلّى إلى غير سترة لا يرد، بل يرده مطلقاً إذ لا تعارض بين المطلق والمقيد، فالمقيد يبقى على تقييده فيدفع إن اتخذ سترة، ويبقى المطلق على إطلاقه فيرد ولو لم يتخذ سترة؛ لأن المصلي مأمور بالصلاة إلى سترة - كما تقدم - ومأمور بدفع المار، سواء امتثل فوضع سترة أم لم يمتثل فلم يضع سترة.

وقد تقدم في حديث أبي جهيم أنه يحرم المرور بين يدي المصلي سواء أكان له سترة أم لا، فهذا يؤيد أنه يدفعه مطلقاً، لأن المار يحرم عليه المرور، فيجب منعه من ارتكاب الحرام، ومن التشويش على المصلي، وهذا القول وجه في مذهب الشافعية، وقول في مذهب الحنابلة، واختاره الشيخ عبد العزيز بن باز (٢).

الوجه السادس: الحديث دليل على جواز الحركة في الصلاة لمصلحتها حيث شرع للمصلي ردّ المار ومدافعته.

الوجه السابع: الحديث دليل على عظم مرتبة الصلاة، ومناجاة الله تعالى حيث وجب احترام المصلي، وعدم تعاطي ما فيه تشويش عليه، أو شغل عما هو فيه، والله أعلم.


(١) "صحيح البخاري" (٣٢٧٤).
(٢) تعليقه على "فتح الباري" (١/ ٥٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>