للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الثالث: أن مجالداً قد اضطرب في هذا الحديث، فمرة رفعه - كما هنا - ومرة أوقفه، فقد أخرجه أبو داود (٧٢٠) والبيهقي من طريق مجالد به، ولفظه: (مَرَّ شاب من قريش من بين يدي أبي سعيد الخدري وهو يصلي، فدفعه، ثم عاد، فدفعه، ثلاث مرات، فلما انصرف، قال: إن الصلاة لا يقطعها شيء، ولكن قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ادرؤوا ما استطعتم فإنه شيطان»).

ففي السياق جاء موضع الشاهد من الحديث موقوفاً على أبي سعيد رضي الله عنه وقد ورد للحديث شواهد من حديث أنس، وأبي أمامة، وأبي هريرة رضي الله عنهم وغيرها، وكلها ضعيفة لا تقوم بها حجة، ولا تُعارض بمثلها الأحاديث الصحيحة، الدالة على أن المرأة والحمار والكلب الأسود تقطع الصلاة، كما تقدم، ولا يشدّ بعضها بعضاً لما فيها من الضعف الشديد.

ولهذا حكم أئمة هذا العلم على حديث أبي سعيد وغيره بالضعف، فقال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: (يقطع الصلاة الكلب الأسود البهيم) أصح من حديث أبي سعيد: (لا يقطع الصلاة شيء) (١).

وقال عبد الحق عن هذا الحديث: (هذا يرويه مجالد بن سعيد، وهو ضعيف الحديث) (٢).

وضعفه النووي (٣). وقال ابن الجوزي بعد أن ساق حديث أبي سعيد وغيره: (هذه الأحاديث كلها ضعاف .. )، ثم بيّن وجه ضعفها (٤).

وكذا ضعف الحديث الشوكاني، والألباني (٥) والشيخ عبد العزيز بن باز.

الوجه الثاني: الحديث دليل على أن الصلاة لا يبطلها مرور شيء من امرأة أو حمار أو كلب أو غيرها بين يدي المصلي، وهذا الحديث هو عمدة الجمهور القائلين بعدم بطلان الصلاة، وأن القطع الوارد في مثل حديث أبي ذر


(١) "علل الحديث" (٢٠٤).
(٢) "الأحكام الوسطى" (١/ ٣٤٧).
(٣) "المجموع" (٣/ ٢٤٦)، "الخلاصة" (١/ ٥٢٥).
(٤) "تنفيح التحقيق" (٣/ ٥١)، "العلل المتناهية" (١/ ٤٤٩).
(٥) "نيل الأوطار" (٣/ ١٦)، "تمام المنة" ص (٣٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>