للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

باطلة عنده، عملاً بظاهر الأمر، والأول أظهر، وقد نقل ابن عبد البر الإجماع على صحة من صلى بحضرة طعام فأكمل صلاته ولم يترك من فرائضها شيئاً (١)، وفي حديث عائشة رضي الله عنها: (إذا وضع العَشَاءُ وأقيمت الصلاة فابدؤوا بالعَشَاء) (٢).

وهذا أعم من حديث الباب، فإن قوله: (وأقيمت الصلاة)، عام في المغرب وغيرها، ويؤيد ذلك الحديث الآتي: (لا صلاة بحضرة طعام).

الوجه الثالث: الحديث دليل على أن الطعام إذا قدم وقت صلاة المغرب فإنه يُبدأ به قبل أداء الصلاة، وعلى الآكل ألا يعجل حتى تنقضي حاجته منه، وذلك لأن الصلاة صلة بين العبد وربه، ولا يتم ذلك إلا بحضور القلب وتفرغه من الشواغل - كما تقدم - فتقديم الأكل على الصلاة لتؤدَّى بخشوع وحضور القلب.

وليس هذا من باب التهاون بالصلاة أو تقديم حق العبد على حق الله تعالى، بل إنه من باب تعظيم الصلاة حتى يقبل عليها بقلبه وقالبه.

وظاهر الحديث أنه يقدم الطعام مطلقاً، سواء أكان محتاجاً إليه أم لا، لكن حمله أهل العلم على ما إذا كانت النفس محتاجة للطعام ومتعلقة به، أما مع عدم الحاجة إليه فلا ينبغي للمسلم أن يتخذ ذلك عادة، فيرتب موعد طعامه مع وقت حضور الصلاة، لأن هذا يفوت صلاة الجماعة، ولعلهم لاحظوا المعنى المراد، فإن النفس إذا لم تَتُقْ إلى الطعام فإن تقديم الصلاة لن يؤثر على الخشوع، بخلاف ما إذا تاقت إليه، ويؤيد ذلك قضايا وردت عن الصحابة رضي الله عنهم.

الوجه الرابع: ظاهر الحديث أن الصلاة تؤخر إذا قدم الطعام ولو فاتت الجماعة أو فات أول الوقت، لكن إن ضاق الوقت بحيث لو قدم الطعام


(١) "التمهيدي" (٢٢/ ٢٠٦).
(٢) أخرجه البخاري (٦٧١) ومسلم (٥٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>