للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

السابق، وهذا غير مراد، لأن لفظه عند أحمد يختلف عن لفظه السابق، وقد تقدم سياق لفظه عند أحمد، ولو قال: وفي رواية لأحمد … لكان أوضح.

قوله: (بغير تعليل) أي: إن حديث معيقيب فيه النهي، دون التعليل بأن الرحمة تواجهه.

الوجه الثالث: في شرح ألفاظهما:

قوله: (إذا قام أحدكم في الصلاة) هذا لفظ النسائي، والمثبت في سنن أبي داود والترمذي وابن ماجه (إلى الصلاة). والمعنى: إذا شرع في الصلاة ليتفق اللفظان.

قوله: (فلا يمسح الحصى) أي: يسويه للسجود، والحصى: الحجارة الصغيرة، والتقييد بذلك خرج مخرج الغالب، لكونه الغالب على فَرْشِ مساجدهم، وإلا فلا فرق بينه وبين التراب والرمل، ويؤيد ذلك حديث معيقيب الآتي.

قوله: (فإن الرحمة تواجهه) هذا تعليل للنهي عن مسح الحصى، وقد ورد في رواية أبي داود وابن ماجه تقديم التعليل، ولفظهما: (إذا قام أحدكم إلى الصلاة فإن الرحمة تواجهه، فلا يمسح الحصى)، والمعنى: أن الرحمة تقابله وتنزل عليه فلا ينبغي أن يشتغل عنها بذلك.

الوجه الرابع: الحديث دليل على أنه لا ينبغي للمصلي أن يمسح موضع سجوده من الأرض، بل عليه أن يقبل على صلاته ويخشع فيها، فيسجد على الأرض بدون مسح، قال الصنعاني: (إن النهي ظاهر في التحريم) (١).

لكن إن كان هناك حاجة لتسوية موضع السجود وهو التراب أو الحصى فليكن ذلك مرة واحدة، وقد أخرج مالك بإسناد صحيح عن أبي جعفر القارئ أنه قال: (رأيت عبد الله بن عمر إذا أهوى ليسجد مسح الحصباء لموضع جبهته مسحاً خفيفاً) (٢)، فإن سَوّى ذلك قبل دخوله في الصلاة فهو أفضل، لئلا يحتاج ذلك أثناء الصلاة، ولئلا ينشغل باله في الصلاة.


(١) "سبل السلام" (٢/ ١٦٦).
(٢) "الموطأ" (١/ ١٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>