للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (فإنه هلكة) بفتح الهاء واللام والكاف، أي: هلاك، لأنه طاعة للشيطان وهو سبب الهلاك، والهلاك: استحالة الشيء وفساده، والصلاة بالالتفات تستحيل من الكمال إلى الاختلاس المذكور في الحديث المتقدم.

قوله: (فإن كان لا بد .. ) أي: لا مفر ولا محيد عن الالتفات فليكن في التطوع، لأنه مبني على المساهلة والمسامحة.

الوجه الثالث: الحديث دليل على أن المصلي منهي عن الالتفات في صلاته؛ لأنه وُصِفَ بأنه اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد، والمراد بذلك: التفاته بالوجه، فإن كان بجملة البدن بأن استدار إلى غير جهة القبلة حرم وبطلت الصلاة باتفاق العلماء (١).

وحكمة النهي عن الالتفات ما يلي:

١ - أنه نقص في الصلاة، لأنه دليل على عدم الخشوع، ولهذا ذكره المصنف هنا.

٢ - أنه إعراض عن الله تعالى، وإقبال على غيره، والله تعالى قِبَلَ عبده.

٣ - أنه حركة لا داعي لها، والأصل في الحركات أنها مكروهة مخلة بالخشوع.

وقد نقل الحافظ الإجماع على أن الالتفات في الصلاة مكروه، والجمهور على أنها كراهة تنزيه، وحكى عن الظاهرية وبعض الشافعية التحريم، إلا للضرورة (٢).

والالتفات في الصلاة نوعان:

الأول: التفات القلب إلى غير الله عزّ وجل.

الثاني: التفات البصر.

وكلاهما منهي عنه، والالتفات لا يبطل الصلاة بهذه الصفة، ولكن


(١) انظر: "المنهل العذب المورود" (٦/ ١٢).
(٢) "فتح الباري" (٢/ ٢٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>