للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (فإنها ألهتني آنفاً عن صلاتي) أي: فإنها شغلتني قريباً عن الخشوع في صلاتي، والمراد: بعض الصلاة، لأنه صلّى الله عليه وسلّم لم ينظر إلى أعلامها إلا نظرة واحدة.

الوجه الثالث: الحديث دليل على أنه ينبغي للمصلي أن يجتنب كل ما يشغله ويلهيه عن صلاته من نقوش أو تصاوير أو كتابات، لأن الصلاة يطلب فيها الخشوع بحضور القلب وسكون البدن، والإقبال على الله تعالى، ولهذا استحب العلماء أن ينظر المصلي إلى موضع سجوده ولا يتجاوزه، كما سيأتي إن شاء الله.

قال ابن رجب: (في الحديث دليل على استحباب التباعد عن الأسباب الملهية عن الصلاة، ولهذا أخرج النبي صلّى الله عليه وسلّم تلك الخميصة عنه بالكلية، فينبغي لمن ألهاه شيء من الدنيا عن صلاته أن يخرجه عن ملكه (١)).

ولا يفهم من الحديث البعد عن الثوب الحسن في الصلاة، بل يستحب ذلك للآية، إلا إن خشي من ثوبه الحسن الالتهاء عن الصلاة أو حدوث الكبر أو نحو ذلك.

الوجه الرابع الحديث دليل على أنه ينبغي أن تصان المساجد عما يشوش على المصلين من الزخرفة أو كتابات شيء من الآيات أو تعليق الساعات ونحو ذلك مما يكون في قبلة المصلي.

قال الإمام مالك رحمه الله: (أكره أن يكتب في قبلة المسجد شيء من القرآن والتزويق). وقال: (إن ذلك يشغل المصلي) (٢)، وحكاه ابن رجب (٣) عن أحمد، ولا يفهم من كلام الإمام مالك أنه يرى جواز كتابة القرآن في غير جهة القبلة، وإنما خص القبلة لأنها أهم ما يشغل المصلي لكونه يستقبلها.

وكذا فُرُشُ المسجد فينبغي العناية بها وأن تكون خالية من التصاوير


(١) "فتح الباري" (٢/ ٤٢٠).
(٢) "الحوادث والبدع" ص (١٠٧).
(٣) "فتح الباري" (٢/ ٤٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>