للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (من الشيطان) جعله من الشيطان كراهية له، لأنه يكون مع ثقل البدن وامتلائه واسترخائه وميله إلى الكسل والنوم، فأُضيف إليه، لأنه الداعي إلى إعطاء النفس شهواتها وتوسعها في المآكل والمشارب.

قوله: (فليكظم) بفتح ياء المضارعة وكسر الظاء المشالة من باب «ضرب يضرب» أي: ليحبسه وليمسكه، والكظم: سَدُّ الفم بإطباق الشفتين، وقد ورد في حديث أبي هريرة رضي الله عنه الآتي: (فليردَّه ما استطاع) فإما أن المراد الأخذ بأسباب رده، لا أنه يرده إذا وقع، أو أن المراد: إذا أراد أن يتثاءب فليرده.

الوجه الثالث: الحديث دليل على أنه ينبغي للمتثائب أن يرد تثاؤبه ما استطاع، وذلك بإطباق فمه وضم شفتيه.

وهذا هو الأمر الأول المشروع الذي دلت عليه السنة، ودليله حديث الباب.

والأمر الثاني: أن يضع يده على فيه، لأن فَغْرَ الفم شيء مستقبح، وربما وقع في فمه شيئ كذباب ونحوه، وقد دلّ على ذلك حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إذا تثاءب أحدكم فليمسك بيده على فيه، فإن الشيطان يدخل» (١)، والأفضل أن تكون اليد اليسرى، لأنه في أمر مستقذر.

فأمر بوضع يده على فمه لئلا يبلغ الشيطان مراده من تشويه صورته ودخوله فمه، وضحكه منه، وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ( … فإن أحدكم إذا تثاءب ضحك منه الشيطان) (٢).

والأمر الثالث: أن يلزم الصمت، ولا يقول: (ها) لأنه صوت مستقبح، ليس بواضح، فالسنة ألا يتكلم في هذه الحال حتى ينتهي التثاؤب.

وقد دل على ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «التثاؤب


(١) أخرجه مسلم (٢٩٩٥).
(٢) أخرجه البخاري (٦٢٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>