للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال الترمذي: (وهذا أصح من الحديث الأول).

وتابعهما سفيان بن عيينة عند الترمذي أيضاً (٥٩٦) فلذا رجح الترمذي الإرسال على الوصل، بناء على القاعدة عند المحققين، وهي أنه إذا تعارض الوصل والإرسال قُدِّمَ الأوثق والأكثر ولو في الإرسال، ورواة الإرسال هنا أوثق، فوكيع ثقة حافظ عابد، وعبدة بن سليمان الكلابي ثقة ثبت، وسفيان بن عيينة ثقة حافظ فقيه إمام حجة، كما رجح الإرسال أبو حاتم كما في «العلل» (٤٨١).

الوجه الثاني: في شرح ألفاظه:

قوله: (ببناء المساجد في الدور) أي: في القبائل، وهي الآن المحلّة أو الأحياء السكنية، وقد كان للأنصار وغيرهم دور تجتمع فيها جماعتهم ويكون فيها نخيلهم وزروعهم، فيقال: دار بني ساعدة، ودار بني النجار، وغير ذلك، وقد فسر سفيان بن عيينة أحد رواة الحديث الدور بالقبائل، كما نقله عنه الترمذي.

الوجه الثالث: الحديث دليل على شرعية بناء المساجد في الدور، وهي الآن الأحياء السكنية، فيشرع بناء المساجد فيها، ليجتمع أهل الحي كل يوم وليلة خمس مرات، فيتم في ذلك عبادة الله تعالى وتعليم الجاهل، وتنشيط العاجز، والتعاون على البر والتقوى؛ إلى غير ذلك من الفوائد العظيمة، وعلى هذا فيجب على المسؤولين عن تخطيط الأراضي والأحياء السكنية ألا يُغفلوا موضوع بيوت الله تعالى، ولتكن مقدمة على غيرها من المرافق.

الوجه الرابع: الحديث دليل على وجوب تهيئة المساجد للمصلين، وذلك بتنظيفها من كل قذر يقع في أرضها أو فرشها أو حيطانها، كما يجب أن تصان عن الأقذار كالمخاط وتقليم الأظافر وقص الشارب ونتف الإبط ونحو ذلك.

وكذلك ينبغي تطييبها وتحسين رائحتها، لتيسير الإقامة فيها، والتشجيع على التردد عليها، والبقاء فيها للقراءة والذكر والصلاة وطلب العلم، وغير ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>