للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الحرام، وهذا ما نص عليه الشافعي (١)، وبه قال ابن حزم (٢)، لقوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ} [التوبة: ٢٨] بناء على أن نجاسة المشرك نجاسة بدنية.

والقول الأول أظهر، لقوة أدلته، ولأن فيه عملاً بجميع النصوص، ولما يترتب على دخول الكافر من المصالح إذا رأى المسلمين وصلاتهم وقراءتهم، كما وقع من ثمامة رضي الله عنه، لكن لا بد من تقييده بالمصلحة والإذن، لأن كل تصرف يحدث من المسلمين في عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بما يتعلق بشؤونهم العامة فإنه لا بد أن يأذن فيه الرسول صلّى الله عليه وسلّم، كما وقع في ربط ثمامة، والله أعلم.

ومن أدلة ذلك ما ورد في حديث جبير بن مطعم - وكان ممن قدم في فداء أسارى بدر - أنه سمع النبي صلّى الله عليه وسلّم يقرأ في المغرب بالطور (٣).

وورد - أيضاً - قصة الأعرابي الذي دخل المسجد وعقل بعيره فيه وسأل النبي صلّى الله عليه وسلّم عن الإسلام ثم أسلم (٤).

وأما الآية الكريمة فأجاب الأولون عنها بأن المراد بها: منعهم من الحج، كما ورد أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم بعث عليّاً رضي الله عنه أن يؤذن ببراءة، قال أبو هريرة: فأذّن معنا عليٌّ في أهل منى يوم النحر: (لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان). وهذا كان سنة تسع من الهجرة (٥).

والذي يظهر لي قوة الاستدلال بعموم الآية على منع الكافر من دخول المسجد الحرام، والله أعلم.

الوجه الثالث: إذا كان دخول الكافر المسجد مقيداً بالمصلحة أو بالحاجة، فإنه يستفاد من ذلك أنه لا ينبغي أن يتولى الكفار تعمير المساجد أو


(١) "الأم" (٤/ ٣٩٠).
(٢) "المحلى" (٤/ ٢٤٣).
(٣) أخرجه البخاري (٧٦٥)، ومسلم (٤٦٣) وسيأتي شرحه في "صفة الصلاة" رقم (٢٨٩) إن شاء الله.
(٤) أخرجه البخاري (٦٣).
(٥) أخرجه البخاري (٣٦٩) ومسلم (١٣٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>