للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فيه، وهذا قول الجمهور، ورواية عن الإمام أحمد، اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية (١)، قالوا: لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم أمر بالدعاء عليه، وهذا يدل على كراهة البيع، ولم يبين بطلانه، ولو كان البيع باطلاً لبيّنه؛ لأنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، وكونه منهياً عنه لا يقتضي بطلانه، كالغش والتدليس والتصرية، وقد نقل الماوردي الإجماع على أن ما عُقِدَ من البيع في المسجد لا يجوز نقضه، ومثله قال العراقي (٢).

الثاني: أنه للتحريم فإن وقع لم يصح، وهذا مذهب الحنابلة (٣)، قالوا: لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم دعا على البائع والمشتري في المسجد بألا تربح تجارته، وهذه عقوبة له، لأنه فعل أمراً محرماً، وما كان محرماً فهو باطل.

والقول الأول أظهر، وهو صحة البيع، لأن فيه عملاً بجميع الأدلة، لكنّ صَرْفَ النهي من التحريم إلى الكراهة يحتاج إلى دليل، وما نقل من الإجماع على عدم جواز نقضه وصحة العقد لا ينافي القول بالتحريم، فقد يأتي النهي للتحريم ويكون العقد صحيحاً، كما في بيع التصرية، وعلى هذا فلا يصح جعل الإجماع قرينة لحمل النهي على الكراهة، والله أعلم (٤).


(١) "الإنصاف" (٣/ ٣٨٦).
(٢) "نيل الأوطار" (٢/ ١٧٧).
(٣) "الإنصاف" (٣/ ٣٨٥).
(٤) انظر: "نيل الأوطار" (٢/ ١٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>