واله وصحبه الذين ساروا في نصرة دينه سيراً حثيثاً، وعلى أتباعهم الذين ورثوا علمهم - والعلماء ورثة الأنبياء ـ
بتبليغه، وهذان الوصفان ثابتان لرسولنا صلّى الله عليه وسلّم، فهو نبي ورسول، نُبِّئ بإنزال سورة (اقرأ) وأرسل بإنزال سورة (المدثر)، وهذا هو المشهور في تعريف النبي والرسول، وفيه نظر؛ لقوله تعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِّيٍ}[الحج: ٥٢]، ولأن ترك البلاغ كتمان لوحي الله تعالى، والأظهر أن الرسول من أوحي إليه بشرع جديد، والنبي هو المبعوث لتقرير شرع مَنْ قبله، قال تعالى:{إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ}[المائدة: ٤٤].
قوله:(واله) آل: أصله: أهل، بدليل تصغيره على (أُهَيل)، ولا يستعمل إلا فيما شَرُفَ غالباً، والآل إذا ذكروا وحدهم فالمراد بهم جميع أتباعه صلّى الله عليه وسلّم على دينه، أما إذا قرنوا بالأتباع فقيل:(اله وأتباعه) فالآل هم المؤمنون من ال بيته صلّى الله عليه وسلّم، والأتباع من تبعه على دينه من غيرهم.
قوله:(وصحبه الذين ساروا في نصرة دينه سيراً حثيثاً) صحبه: جمع لصاحب، ويجمع على أصحاب، وهم كل من اجتمع بالنبي صلّى الله عليه وسلّم مؤمناً به ومات على ذلك، وما ذكره المصنف عنهم أثبته الواقع، فقد نصروا الدين وأيدوه، وجاهدوا في سبيل الله، كما يُعرف ذلك بالرجوع إلى سيرتهم.
قوله:(وعلى أتباعهم الذين ورثوا علمهم) أي: أتباع الآل والأصحاب، ووراثة علمهم أنهم نقلوه وتلقوه عنهم، وساروا على نهجهم في العلم والعمل حتى صار ما نقلوه عنهم كأنه ميراث، عليهم رحمة الله تعالى.
قوله:(والعلماء ورثة الأنبياء) هذا اقتباس من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه - مرفوعاً - وأوله:«من سلك طريقاً يطلب فيه علماً سلك الله به طريقاً من طرق الجنة … »(١)، والأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً، وإنما ورثوا العلم؛
(١) أخرجه أبو داود (٣٦٤١)، والترمذي (٢٦٨٢)، وابن ماجه (٢٢٣)، وأحمد (٥/ ١٩٦) وغيرهم، وذكره البخاري في ترجمة أحد الأبواب من كتاب "العلم" (١/ ١٦٠ "فتح الباري") ولم يتكلم عليه الحافظ في "تغليق التعليق" (٢/ ٧٨، ٧٩)، وقال في =