ولهذا ضعفه البخاري، والترمذي، والقرطبي، والحافظ ابن حجر (١). وقوله:(استغربه الترمذي): أي: قال: (هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه)، أي انفرد بروايته راوٍ واحد، وليس له إلا هذا الإسناد.
وأما إعلاله من جهة المتن فلأن المكلف غير مؤاخذ بالنسيان، فكيف يكون نسيان السورة أو الآية من أعظم الذنوب، وقد نسي النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم آية، كما ثبت في «الصحيح»، إلا إن كان المراد بالنسيان الإعراض عنها وعدم الإيمان بها، أو المراد ترك القرآن عمداً إلى أن يفضي هذا الترك إلى النسيان، والمقصود أنه إن كان عن إهمال ففيه مؤاخذة وإلا فلا.
الوجه الثاني: في شرح ألفاظه:
قوله:(عرضت عليَّ) الظاهر أنه في ليلة المعراج، لأنه المتبادر عند الإطلاق.
قوله:(حتى القذاة) هي ما يقع في العين من تراب أو تبن أو وسخ، ثم استعمل في كل شيء يقع في البيت وغيره إذا كان يسيراً، ولا بد في الكلام من تقدير مضاف أي: عرضت عليّ أجور أعمال أمتي وأجر القذاة، أي: أجر إخراج القذاة.
ويجوز فيها الرفع والجر، فالرفع على أن (حتى) حرف عطف، والقذاة مبتدأ، وجملة (يخرجها) خبر، ويجوز الجر، و (حتى) حرف جر بمعنى (إلى) وتكون جملة (يخرجها) للبيان.
الوجه الثالث: الحديث دليل على فضل تنظيف المساجد وإخراج القمامة منها، لأنه إذا حصل الأجر لمن يخرج القذاة منه وهو شيء يسير فالذي يكنسه ويزيل ترابه وغباره وينظفه عن الأقذار والأوساخ الكثيرة بالطريق الأولى له أجور كثيرة، وعَدّ إخراج القذاة التي لا يؤبه لها من الأجور تعظيماً لبيت الله عزّ وجل، والله تعالى أعلم.