للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والصحيحين والسنن، وقد اقتصر الحافظ على موضوع سؤاله عن الآنية، دون سؤاله عن الصيد بقوسه وبكلبه المعلم، واللفظ المذكور في الكتاب لم أجده في الصحيحين بلفظه هكذا، وأقرب الألفاظ إليه ما في البخاري في كتاب «الصيد»، باب «صيد القوس» (٥٤٧٨).

الوجه الثالث: في شرح ألفاظه:

قوله: (إنا بأرض قوم أهل كتاب) أي: أنا وقبيلتي خُشين، والمراد بالأرض: الشام، وأهل الكتاب: اليهود والنصارى، والظاهر أن المراد بهم - هنا النصارى ـ، وقد كان جماعة من قبائل العرب قد سكنوا الشام وتنصّروا، منهم: ال غسان، وتنوخ، وبَهْز، وبطون من قضاعة، منهم بنو خشين ال أبي ثعلبة.

قوله: (فاغسلوها) ظاهر الأمر الوجوب، والأمر بغسلها قبل استعمالها لظن نجاستها، لعدم ابتعادهم عن النجاسات من خمر ولحم خنزير ونحوهما، وسيأتي بيان ذلك.

قوله: (وكلوا منها) هذا أمر إباحة؛ لأنه جاء بعد الاستفهام في قوله: (أفنأكل في انيتهم؟) وبعد النهي في قوله: «لا تأكلوا فيها».

الوجه الرابع: الحديث دليل على حرص الصحابة رضي الله عنهم على السؤال عما يعنيهم، وما يشكل عليهم، وهذا هو الواجب على كل مسلم، فيسأل عن أمر دينه وعما يجهل، ليعبد الله على بصيرة، قال تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [الأنبياء: ٧].

الوجه الخامس: الحديث دليل على اجتناب الأكل في أواني أهل الكتاب من اليهود والنصارى؛ لأنهم لا يتورعون عن النجاسات، وربما وضعوا فيها الخمر، وطبخوا فيها الميتة والخنزير.

وهنا تعارض الأصل، وهو (الأصل في الأشياء الطهارة) مع غلبة الظن؛ وهو هنا (عدم توقيهم النجاسة)، فرجحت غلبة الظن حيث قويت، ويؤيد ذلك لفظ أبي داود: (إنا نجاور أهل الكتاب، وهم يطبخون في قدورهم الخنزير،

<<  <  ج: ص:  >  >>