الأدلة، لا سيما وأن الأدلة التي تفيد وجوب قراءة الفاتحة على المأموم أقوى سنداً من هذا الحديث، فمثله لا يقف في مقابل الأحاديث الصحيحة، كحديث عبادة رضي الله عنه.
وأجابت الحنفية عن حديث عبادة رضي الله عنه:(لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب) بأن النفي فيه للكمال لا للصحة، وهذا مردود؛ لأن حمل الحديث على نفي الكمال بعيد، لأنه إذا أمكن حمل الكلام على المعنى الأقرب امتنع حمله على المعنى الأبعد، وهو هنا محمول على نفي الذات، لأن المراد بالصلاة معناها الشرعي، كما تقدم، ولأن نفي الإجزاء هو السابق إلى الفهم، ثم هو يستلزم نفي الكمال، من غير عكس.
والقول الأول - وهو وجوب الفاتحة على المأموم في السرية والجهرية - هو أرجح الأقوال، لقوة أدلته وصراحتها في الدلالة على المراد، بل إن هذا القول تجتمع به الأدلة، فلا يترك منها شيء، وتجب الفاتحة في كل ركعة، لأن أمر الرسول صلّى الله عليه وسلّم أمر المسيء بها ثم قال:«افعل ذلك في صلاتك كلها».
وهذه المسألة كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية:(للعلماء فيها نزاع واضطراب مع عموم الحاجة إليها)(١)، والله تعالى أعلم.