للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قبلك، قال: وبلغ سليمان في جميع العلوم مبلغًا تقدم فيه أهل أهل المشارق والمغارب وله على ما يحكيه ديوان أخبار الأنبياء ثلاثة آلاف مثل، وفي الكلام الموزون ألف قصيدة وخمس قصائد في طريق التهليل على مثل ما كان الأنبياء يستعملون فيه موزون الكلام في عصرهم ذلك، ويكلم في الشجر والنبات والحيوان والهوام، وفي أنواع العلوم وصنوف الفلسفة بما لم يقدر عليه غيره" (١).

بعد مكر بِلْعَام (٢) للكنعانيين بالنساء حين مرت امرأة منهن برجل من عظماء بني إسرائيل فأخذ بيدها حين أعجبه جمالها حتى وقف بها على موسى فقال: إني أظنك ستقول هذه حرام عليك، قال: أجل هي حرام عليك لا تقربها، قال: فواللَّه لا نطيعك في هذا، ثم دخل بها قبته فوقع عليها، وأرسل اللَّه الطاعون على بني إسرائيل وكان فنحاص بن العيزار بن هارون صاحب أمر موسى، وكان رجلا قد أُعطي بسطة في الخلق وقوة في البطش، وكان غائبًا حين صنع الرجل ما صنع، فجاء والطاعون يحوس في بني إسرائيل، فأُخبر الخبر، فأخذ حربته، وكانت من حديد كلها، ثم دخل عليها القبة وهما متضاجعان، فانتظمها بحربته، ثم خرج بهما رافعهما إلى السماء، والحربة قد أخذها بذراعه، واعتمد بمرفقه على خاصرته، وأسند الحربة إلى لحيته، وكان بكر العيزار، فجعل يقول: اللهم هكذا نفعل بمن يعصيك، ورُفع الطاعون، فحُسب من هلَك من بني إسرائيل في الطاعون، فيما بين أن أصاب زمري المرأة إلى أن قتله فنحاص، فوجدوا قد هلك منهم سبعون ألفًا، والمقلل يقول: عشرون ألفا في ساعة من النهار. فمن هنالك يعطي بنو إسرائيل ولد فنحاص من كل ذبيحة القبة والذراع واللحي، لاعتماده بالحربة على خاصرته وأخْذِه إياها بذراعه، وإسناده إياها إلى لحيته" (٣).


(١) هذا النقل من كتاب القس الأندلسي هيرسيوس وهو مفقود.
(٢) بِلْعَم ويقال بِلْعَام بن باعوراء ويقال ابن أبر ويقال ابن أور ويقال ابن باعر بن شتوم بن قرشيم بن ماب بن لوط بن جران بن ازم كان يسكن قرية من قرى البلقاء، وهو الذي كان يعرف اسم اللَّه الأعظم فانسلخ من دينه. انظر: تاريخ ابن عساكر (١٠/ ٣٩٦).
(٣) انظر: تاريخ ابن عساكر (١٠/ ٤٠٥) والمنتظم لابن الجوزي (١/ ٣٥٦) والكامل لابن الأثير (١/ ١٧٥) وتاريخ ابن كثير (٢/ ٢٣٤).