للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

موجود، أو يجعلونه وجود كل موجود، ونحو ذلك مما يقوله أهل التعطيل وأهل الحلول" (١).

٣ - نقول لهم: لفظ "التحيز" و"الجهة" و"الجوهر" ونحو ذلك ألفاظ مجملة ليس لها أصل في كتاب اللَّه ولا في سنة رسول اللَّه، ولا قالها أحد من سلف الأمة وأئمتها في حق اللَّه تعالى، لا نفيًا ولا إثباتًا، وحينئذ فإطلاق القول بنفيها أو إثباتها ليس من مذهب "أهل السنة والجماعة" بلا ريب، ولا عليه دليل شرعي، بل الإطلاق من الطرفين مما ابتدعه "أهل الكلام" الخائضون في ذلك" (٢).

الرد على الشبهة الثالثة: وهي زعمهم أن ذلك يستلزم تعدد القدماء.

١ - أن صفات اللَّه تعالى قد وردت في الكتاب وصحيح السنة، واللَّه تعالى قد أثبت لنفسه تلك الصفات وأثبتها له رسوله ، ولا يلزم من ذلك تعدد الإله والقدماء مع اللَّه تعالى، والسلف لم يتعرضوا لتلك النصوص بالتحريف والنفي بحجة أنها تستلزم تعدد القدماء، بل أثبتوا للَّه ما أثبته لنفسه أو أثبته له رسوله غير تحريف ولا تكييف ولا تمثيل ولا تعطيل (٣).

٢ - أن السلف لم يثبتوا ذواتًا قدماء مع اللَّه تعالى، واللَّه تعالى هو إله واحد بجميع بصفاته التي تليق بجلاله وعظمته.

قال الإمام أحمد: "إن اللَّه لم يزل بصفاته كلها، أليس إنما نَصِفُ إلَهًا واحدًا بجميع صفاته؟ وضربنا لهم في ذلك مثلًا فقلنا: أخبرونا عن هذه النخلة؟ أليس لها جذع وكَرَب، وليف وسَعَف وخوص وجَمّار؟ واسمها اسم شيء واحد، وسميت نخلة بجميع صفاتها؟ فكذلك اللَّه، وله المثل الأعلى بجميع صفاته إله واحد" (٤).

٣ - نقول لهم: "القول في الصفات كالقول في الذات، فإن اللَّه ليس كمثله شيء، لا في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله، فإذا كان له ذات حقيقة لا تماثل الذوات، فالذات متصفة بصفات حقيقة لا تماثل صفات سائر الذوات، والعلم بكيفية الصفة يستلزم العلم بكيفية الموصوف، وهو فرع له، وتابع له، وإذا كنا نقرّ بأن له ذاتا حقيقة، ثابتة في نفس الأمر، مستوجبة لصفات الكال، لا يماثلها شيء، فسمعه وبصره، وكلامه ونزوله


(١) انظر: منهاج السنة النبوية لابن تيمية (٢/ ٣٢٣ - ٣٢٤).
(٢) انظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية (٥/ ٣٠٥ - ٣٠٦).
(٣) انظر: الصفدية لابن تيمية (١/ ١٠٣) والفتوى الحموية الكبرى له أيضًا (ص ٢٦٥).
(٤) انظر: الرد على الجهمية والزنادقة للإمام أحمد (ص ١٤٠ - ١٤١).