للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الممكن مع الواجب في مسمى الوجود والعلم والقدرة، فلا يتميز أحدهما عن الآخر، فقد يصير الواجب ممكنًا والممكن واجبًا لاشتراكها وعدم تميز أحدهما عن الآخر، وهذا هو التناقض (١).

٥ - أنهم لبَّسوا حينما قالوا: "أن المركب مفتقر إلى غيره"؛ لأنه لفظ مجمل يحتمل معنى صحيحًا ومعنًى باطلًا، فيحصل بذلك اللبس والإيهام، فإن ذلك يشعر أنه مفتقر إلى ما هو منفصل عنه، وهذا باطل؛ لأنه قد تقدم أن لفظ الغير يراد به ما كان مفارقًا له بوجود أو زمان أو مكان، ويراد به ما أمكن العلم به دونه، والصفة لا تسمى غيرًا له بهذا المعنى، وأما بالمعنى الثاني: فلا يمتنع أن يكون وجوده مشروطًا بصفات، وأن يكون مستلزمًا لصفات، وإن سُمِّيت تلك الصفات غيرًا فليس في إطلاق اللفظ ما يمنع صحة المعاني العقلية، سواءً جاز إطلاق اللفظ أو لم يجز. وهؤلاء عمدوا إلى المعاني كالصحيحة العقلية وأطلقوا عليها ألفاظًا مجملة تتناول الباطل الممتنع، كالرافض الذي يسمى أهل السنة ناصبة، فيوهم أنهم نصبوا العداوة لأهل البيت " (٢).

٦ - نقول لهم: أن "التركيب" الذي نفيتموه يلزمكم فيما أثبتموه للَّه جل وعلا من لوازم ذاته تعالى، وهذا هو التناقض، فإما أن تنفوا تلك اللوازم كما نفيتم غيرها وهذا هو الكفر، أو تثبتوا جميع ما أثبته اللَّه لنفسه إثباتًا يليق بجلاله وعظمته وهذا هو الإيمان والحق (٣).

٧ - نقول لهم: لنفترض جدلًا أن ذلك يسمى "مركبًا"، ومع ذلك فإنه لا يستلزم الإمكان ولا الحدوث؛ لأن اللَّه تعالى غني عن العالمين (٤).

٨ - أن الذين قالوا بالتركيب شبهوا أولًا ثم عطلوا آخرًا، فهم شبهوا الخالق بالمخلوق حينها زعموا أن إثبات الصفات يستلزم التركيب، ففروا من هذا إلى القول بالتعطيل فنفوا عن اللَّه جل وعلا ما يستحقه من صفات الكمال التي تليق به (٥).


(١) انظر: جواب شبهة "المعتزلة" في نفي الصفات مجموع الفتاوى لابن تيمية (٦/ ٣٤٥ - ٣٤٦).
(٢) انظر: درء تعارض العقل والنقل لابن تيمية (١/ ٢٨٢ - ٢٨٣).
(٣) انظر: درء تعارض العقل والنقل لابن تيمية (١/ ٢٨٢ - ٢٨٣).
(٤) انظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية (٦/ ٣٤٨).
(٥) انظر: الصواعق المرسلة لابن القيم (٤/ ١٤٣٣ و ١٤٣٨).