للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أخبرنا بذلك ابن معالي (١)، أنبا خطيب مَرْدا، أنبتا فاطمة، قالت: أنبا زاهر، أنبأ الكَنْجَرُوذي، أنا ابن حمدان، أنبا أبو يعلى، ثنا عبيد الله (٢)، ثنا حرميُّ بن عُمارة (٣)، ثنا قرَّة بن خالد. فذكره (٤).

٥٣ - عن همّام بن منبه (٥) قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة قال: قال رسول الله : "تحَاجَّتِ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ، فَقَالَتِ النَّارُ: أُوثِرْتُ بِالْمُتَكَبِّرِينَ وَالْمُتَجَبِّرِينَ، وَقَالَتِ الجنَّة: فمَا لِي لَا يَدْخُلُنِي إِلَّا ضُعَفَاءُ النَّاسِ وَسَقطُهُمْ (٦) وغَرثهُم (٧)، قَالَ اللَّهُ ﷿ لِلْجَنَّةِ: "أَنْتِ رَحْمَتِي أَرْحَم بِكِ مَن أَشَاءُ مِنْ عِبَادِي، وَقَالَ لِلنَّارِ: إِنَّمَا أَنْتِ عَذَابِي، أُعَذِّبُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِي، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْكُم مِلْؤهَا"، فَأَمَّا النَّار فَلَا تَمْتَلِئُ حَتَّى يَضَعَ الله فيها رِجْلَهُ، فتقُولُ: قَطُّ قَطُّ، فَهُنَالِكَ تَمْتَلِئُ وَيُزْوَى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ وَلَا يَظْلِم اللَّهُ مِنْ خَلْقِهِ أَحَدًا، وَأَمَّا الْجَنَّةُ فَإِنَّ اللَّهَ يُنْشِئُ لَهَا خَلْقًا" (٨). رواه البخاري ومسلم (٩).


(١) رجال الإسناد: أحمد بن محمد بن معالي، ومحمد بن إسماعيل بن أحمد المقدسي، وفاطمة بنت سعد الخير، وزاهر بن طاهر الشِّحامي، ومحمد بن عبد الرحمن الكَنْجَروذي، ومحمد بن أحمد بن حمدان، وأبو يعلى أحمد بن علي الموصلي [جميعهم سبقت ترجمتهم بحديث رقم (٤٠)].
(٢) عبيد الله بن عمر بن ميسرة القواريري أبو سعيد البصري، نزيل بغداد، ثقة ثبت. خ م د س. التقريب (رقم الترجمة ٤٣٢٥).
(٣) حرميّ بن عمارة بن أبي حفصة نابت، وقيل كالجادة العتكي البصري، أبو روح صدوق يهم. خ م د س ق. التقريب (رقم الترجمة ١١٧٨).
(٤) رواه أبو يعلى الوصلي في "المسند" (٣١٤٠). لكنّ الراوي عن قتادة شعبة بن الحجاج، وليس قرَّة بن خالد.
(٥) همام بن منبه بن كامل الصنعاني أبو عتبة، أخو وهب، ثقة ع. التقريب (رقم الترجمة ٧٣١٧).
(٦) معنى (سَقَطهم): قال ابن حجر في "فتح الباري" (٨/ ٥٩٧): "وسقطهم: أي المحقرون بينهم، الساقطون من أعينهم، وهذا بالنسبة إلى ما عند الأكثر من الناس، وبالنسبة إلى ما عند الله هم عظماء رفعاء الدرجات، وقال في موضع آخر (١٣/ ٤٣٦): سَقَطهم جمع ساقط، وهو النّازل القدر الذي لا يُؤبه له.
(٧) معنى (غَرثهم): قال النووي روي على ثلاثة أوجه: أحدها: غَرثهم معناها أهلى الحاجة والفاقة والجوع والغرث: الجوع.
والثاني: عَجزتهم: جمع عاجز كما سبق -أي: العاجزون عن طلب الدنيا والتمكين فيها، والثروة والشوكة-.
والثالث: غِرِّتهم هكذا هو الأشهر في نسخ بلادنا أي: البله الغافلون الذين ليس بهم فتك وحذق في أمور الدنيا وهو نحو الحديث الآخر أكثر أهل الجنة البله. انظر: شرح النووي على مسلم (١٧/ ١٨١).
(٨) فوائد من الحديث: * هذا الحديث فيه إثبات صفة القدم، وذلك على ما يليق بالله وعظمته.
* قوله: (تحَاجَّتِ الجنَّة وَالنَّارُ) فيه إثبات المحاجّة بين الجنة والنار، والله جعل فيهما تمييزًا حتى تتحاجَّا.
* قوله: (فَقَالَتِ النَّارُ) و (وَقَالَتِ الْجَنَّةُ) فيه أن الجنّة تكلمت، والنّار تكلمت.
* قوله: (فَقَالَتِ النَّارُ: أُوثِرْتُ بِالْمُتَكَبِّرِينَ وَالْمُتَجَبِّرِينَ): فيه أن الكبر والتجبر من أسباب دخول النّار. منحة الملك الجليل في شرح صحيح البخاري لعبد العزيز الراجحي (٨/ ١٠٠٨).
(٩) روايات الحديث عن أبي هريرة :