للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإضلال من الله تسمية كما يقال: أكفر فلان فلانًا، أي سماه كافرًا، كما يُقال: أفجره وأفسقه، واللغة لا تطلق ذلك لهم، إلا أن تتناول توجيه ذلك من كان من أهل اللغة مطابقًا لهم على مذاهبهم، كمثل محمد بن المستنير (١) المعروف بقطرب، وأبي الحسن سعيد بن مسعدة الأخفش (٢) ومن كان مثلهما، فقد تكلموا في آي الأقدار في القرآن بأهوائهم، ولقد أخبرني أبو بكر محمد بن علي بن أحمد (٣) قال: قال لنا أبو جعفر أحمد بن محمد بن إسماعيل النحاس (٤): قال أبو حاتم (٥): وسمعت الأخفش يذكر كسر إن (٦) يحتج به لأهل القدر، لأنه كان منهم، ويجعله على التقديم والتأخير، أي: ﴿وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ﴾ (٧) [آل عمران: ١٧٨]. قال: ورأيت في مصحف في المسجد الجامع قد زادوا فيه حرفًا فصار: "أنما نملي لهم ليزدادوا ايمانًا" فنظر إليه يعقوب القارئ فتبين اللحن فحكه، قال الطلمنكي: "وقد لعن رسول الله الزائد في كتاب الله، ومن كان هذا اعتقاده فغير مأمون


(١) محمد بن المستنير البصيري المعروف بقطرب أبو علي (وفاته: ٢٠٦ هـ) كان يرى رأي المعتزلة النظامية. كان أحد بالنحو واللغة، أخذ عن سيبويه، وكان موثقا فيما يحكيه. له "كتاب في القرآن"، و كتاب في النحو يلقب بـ "الجماهير". انظر: تاريخ بغداد (٤/ ٤٨٠) (رقم: ١٦٥٣)، وتاريخ العلماء النحويين للتنوخي (ص: ٨٤)، والأعلام للزركلي (٧/ ٩٥).
(٢) سعيد بن مسعدة البلخي، ثم البصري، أبو الحسن. (وفاته: ٢١٥ هـ) وكان معتزليًا، وإمام النحو، أخذ عن: الخليل بن أحمد. كان ثعلب يفضل الأخفش، ويقول: كان أوسع الناس علمًا. وله كتب كثيرة في: النحو، والعروض، ومعاني القرآن. منها "الكتاب الأوسط"، وكتاب "التصريف". انظر: السير (١٠/ ٢٠٦ - ٢٠٨) (رقم: ٤٨)، وتاريخ العلماء النحويين للتنوخي (ص: ٨٥ - ٨٨)، ومعجم الأدباء للحموي (٣/ ١٣٧٤).
(٣) محمد بن علي بن أحمد الأدفوي المصري المقرئ النحوي المفسر. أبو بكر. (وفاته: ٣٨٨ هـ). سمع الحديث، وقرأ القرآن برواية ورش فأتقنها. أخذ عنه طائفة. وله كتاب "تفسير القرآن". انظر: تاريخ الإسلام (٨/ ٦٤٢) (رقم: ٣٢٥)، وطبقات المفسرين للسيوطي (ص: ١١٢).
(٤) أحمد بن "محمد بن إسماعيل بن النحاس المصري النحوي. أبو جعفر (وفاته: ٣٣٨ هـ) إمام العربية، صاحب التصانيف. ومن كتبه (إعراب القرآن)، وكتاب (المعاني)، وغيرهما. انظر: السير (١٥/ ٤٠١ - ٤٠٢) (رقم: ٢٢٢)، وتاريخ العلماء النحويين للتنوخي (ص: ٣٣ - ٣٥).
(٥) سهل بن محمد بن عثمان السجستاني، ثم البصري، المقرئ، النحوي، اللغوي، أبو حاتم (وفاته: ٢٥٥ وقيل: ٢٥٠ هـ). الإمام، العلامة صاحب التصانيف. له كتاب (القراءات)، وكتاب (الفصاحة) وغيرها. انظر: السير (١٢/ ٢٦٨ - ٢٧٠) (رقم: ١٠٢)، وتاريخ العلماء النحويين للتنوخي (ص: ٧٣ - ٧٤).
(٦) المراد: كسر همزة إن في قوله تعالى: "أنما نملي .. ".
(٧) كتبها المصنف بالنصب: (خيرًا)، ولم أقف عليها في القراءات المتواترة والشاذة.