للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسهل بن عبد اللَّه التستري (١)، وعمرو بن عثمان المكي (٢)، والحارث المحاسبي، ومحمد بن خفيف الشيرازي (٣)، وغير هؤلاء.

وكُتُبُ أهل الآثار مملوءة بالنقل عن السلف والأئمة لِمَا يوافق قول أهل الإثبات، ولم يُنقل عن أحد منهم حَرفٌ واحدٌ صحيحٌ يوافق قول النفاة، فإذا كان سلف الأئمة وأئمتها وأفضل قرونها متفقين على قول أهل الإثبات، فكيف يقال: "ليس هذا إلا قول الكرامية والحنبلية"؟، ومن المعلوم أن ظهور قول أهل الإثبات قبل زمن أحمد بن حنبل كان أعظم من ظهوره في هذا الزمان، فكيف يضاف ذلك إلى أتباعه؟.

وأيضًا فعبد اللَّه بن سعيد بن كلاب، والحارث المحاسبي، وأبو العباس القلانسي، وأبو الحسن بن مهدي الطبري، وعامة قدماء الأشعرية يقولون: إن اللَّه بذاته فوق العرش، ويردون على النفاة غاية الرد، وكلامهم في ذلك كثير مذكور في غير هذا الموضع.

والمقصود هنا التنبيه على بطلان ما يعارض به النفاة من الحجج العقلية، وأما النفي فلم يكن يُعرف إلا عن الجهمية كالمعتزلة ونحوهم، ومن وافقهم من الفلاسفة، وإلا فالمنقول عن أكثر الفلاسفة هو قول أهل الإثبات، كما نقله ابن رشد الحفيد عنهم، وهو من أعظم الناس انتصارًا لهم، وسلوكًا لطريقتهم، لا سيَّما لأرسطو وأتباعه، كما أنه يميل إلى القول بقدم العالم أيضًا.

الثاني: من أجوبة قوله: "لو كان بديهيًا لامتنع اتفاق الجمع العظيم على إنكاره، وهم ما سوى الحنابلة والكرامية".

هو أن يقال: لم يُطْبِق على ذلك إلا من أخذه بعضهم عن بعض، كما اخذ النصارى دينهم بعضهم عن بعض، وكذلك اليهود والرافضة وغيرهم.


(١) أبو محمد سهل بن عبد اللَّه بن يونس بن عيسى بن عبد اللَّه بن رفيع التستري الصالح المشهور؛ لم يكن له في وقته نظير في المعاملات والورع؛ وكان صاحب كرامات، ولقي الشيخ ذا النون المصري بمكة، وكان سبب سلوكه هذا الطريق خاله محمد بن سوار، توفي سنة ٢٨٣ هـ. انظر: وفيات الأعيان لابن خلكان (٢/ ٤٢٩) والسير للذهبي (١٣/ ٢٣٠) والتاريخ له (٦/ ٧٥٦).
(٢) الإمام الرباني شيخ الصوفية الزاهد عمرو بن عثمان بن بنِ كُرَبِ بنِ غُصَصٍ، أبو عبد اللَّه المكي، كان من مشايخ الصوفية، سكن بغداد حتى مات بها، وحدث وله مصنفات في التصوف، توفي سنة ٢٩٧ هـ. انظر: تاريخ الخطيب (١٤/ ١٣٦) والسير للذهبي (١٤/ ٥٧).
(٣) الشيخ الإمام العارف الفقيه القدوة ذو الفنون شيخ إقليم فارس محمد بن خفيف بن إسْكفشَار الضبي الشيرازي أبو عبد اللَّه الصوفي، شيخ المشايخ وذو القدم الراسخ في العلم والدين كان سيدا جليلا وإماما حفيلا، توفي سنة ٣٧١ هـ. انظر: تاريخ ابن عساكر (٥٢/ ٤٠٥) والسير للذهبي (١٦/ ٣٤٢) والتاريخ له (٨/ ٣٦٥).