للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصُّفَّر (وقعة شقحب) سنة (٧٠٢ هـ) (١)، وأنطاكية (٦٦٦ هـ) (٢)، وطرابلس، وفتح عكا (٦٩٠ هـ)، حيّة في التاريخ تشهد لهم بالبطولة والشجاعة (٣).

أما في الداخل: فقد كان تاريخ المماليك في فترة منه متقلبًا كثير الفوضى والاضطراب، حيث كانت الفتن والاضطرابات والصِّراع على السُّلطة سائد فيه، وكانت صفة العصبية هي البارزة فيه.

ولقد عاش ابن المحب معظم حياته في عهد السلطان النَّاصر محمد (٤) في ولايته الثالثة (٧٠٩ - ٧٤١ هـ)، وهو آخر عهد الاستقرار السِّياسي في دولة المماليك البحرية، فبعد وفاته تولى السَّلطنة ثمانية من أولاده خلال السنوات (٧٤١ - ٧٦٢ هـ) (٥)، ومن ثَم خلال العشرين سنة التالية (٧٦٢ - ٧٨٤ هـ) تولى السَّلطنة


(١) انظر: البداية والنهاية لابن كثير (١٨/ ٢٦).
(٢) انظر: أحداث سقوط أنطاكية بيد السلطان بيبرس في: المماليك البحرية لشفيق جاسر (ص ١٣١) وما بعدها.
(٣) انظر: تاريخ المماليك لطقوش (ص ٩).
(٤) هو: الملك الناصر محمد بن الملك المنصور قلاوون بن عبد الله الصالحي، ولي السلطنة عقب قتل أخيه الأشرف وعمره تسع سنين، فولي السلطنة سنة إلّا ثلاثة أيام، ثم خلع بكتبغا، وكان كتبغا قد جهّز النّاصر إلى الكرك بعد أن حلف له أنه إذا ترعرع وترجّل يفرغ له عن المملكة بشرط أن يعطيه مملكة الشام استقلالًا، ثم أحضر الناصر من الكرك إلى مصر سنة (٦٩٨ هـ) وسلطنوه ثانيًا، واستقرّ بيبرس الجاشنكير وسلّار نائبا في السلطنة، ولم يكن للناصر معهما حكم البتة، وحضر الناصر وقعة غازان، وفي سنة (٧٠٢ هـ) كانت وقعة شقحب وكانت له فيها اليد البيضاء من الثبات والفتك ووقع النصر للمسلمين، وفي سنة (٧٠٨ هـ) استعفى عن السلطنة، وتسلطن بيبرس، ثم في سنة (٩٠٧ هـ) عاد لسلطنته وبنى جوامع ومدارس وخوانق، وكانت سيرته حسنة إلى أن مات سنة (٧٤١ هـ). انظر: شذرات الذهب (٨/ ٢٣٤).
(٥) الحكام الذين تولوا السلطنة بعد وفاة الملك الناصر - على الترتيب -:
١/ الملك المنصور أبو بكر بن الناصر محمد: قتل في سنة (٧٤١ هـ)، وله من العمر عشرون سنة. لم يتجاوز حكمه ثلاثة أشهر، إشتهر بالقسوة واتصف بالغطرسة.
٢/ الملك الأشرف كجك: وخلع في نفس العام بعد مرور خمسة أشهر من تنصيبه، وقد ولي السلطنة وعمره خمس أو ست سنين، ثم مات سنة (٧٤٦ هـ).
٣/ الملك الناصر أحمد: نصِّب على سدة الحكم سنة (٧٤٢ هـ) وعمره أربعة وعشرون عامًا، ولم تكن له رغبة في الحكم، ففوَّض إدارة شؤون البلاد إلى وزيريه، وذهب للعيش في الكرك، فخُلع من السلطنة سنة (٧٤٣ هـ).
٤/ الملك الصالح إسماعيل: عمل على إصلاح ما فسد، لكن أخاه أحمد ثار عليه، فأرسل إليه قوة عسكرية حاصرته مدة ثلاث سنوات، قاوم خلالها ببسالة، قبل أن يستسلم نتيجة نفاذ الأقوات وانفضاض أتباعه من حوله، فقُبِض عليه، وقُتل، وبُعث برأسه إلى السلطان، وقد كان السلطان إسماعيل مشغوفًا بالنساء، مما تسبب في فساد الأوضاع، وانخفاض إيرادات الدولة، مات سنة (٧٤٦ هـ) إثر مرض ألمَّ به.