للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أربعة من أحفاده، وقد أدى هذا العدد من السلاطين إلى عدم الاستقرار والفوضى، وترك أثر واضح في نواحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية (١).

ولم يكن للسلاطين في ذلك الوقت إلا مجرد الاسم فقط، وليس لهم من الأمر شيء، ذلك لصغر سنِّهم وضعف حيلتهم، فكان السلطان آلة في السلطنة، والمتصرف الحقيقي فيها هم الأمراء.

وهكذا ظل حال هؤلاء السلاطين ألعوبة في أيدي الأمراء، وإذا ما حاول أحدهم التمرُّد عليهم أو التخلص من نفوذهم كانوا لا يتورَّعون عن عزلهم بل وقتلهم أحيانًا، فقد قتل أربعة من السلاطين أبناء قلاوون على أيدي بعض الأمراء.

وأما بقية السلاطين فقلّما تجد واحدًا منهم ترك الحكم بنتيجة طبيعية كالوفاء مثلًا، بل كانوا يعُزلون ويولُّون تبعًا لرغبات وأهواء الأمراء، دون النظر إلى أدنى مصلحة للبلاد أو العباد.

وفي عصر السلاطين الصغار - من أحفاد الناصر محمد بن قلاوون - بدأ بروز أمراء البرجية أو الجراكسة - وهو الأمير برقوق (٢) - الذي استطاع الوصول إلى منصب أتابك العسكر سنة (٧٨٠ هـ)، وبذلك أصبح برقوق على جانب كبير من القوة في عهد السلطان علاء الدين (٣) الذي لم يتجاوز عمره ست سنوات.

وبعد وفاته عيّن برقوق أمير حاجي (٤) - حفيد الناصر محمد سنة (٧٨٣ هـ) وكان عمره وقتئذ إحدى عشرة سنة، فكان برقوق هو المتحكم في أمور الدولة، ثم بعد سنة ونصف من حكم أمير حاجي، عقد


=انظر: شذرات الذهب (٨/ ٢٣٦)، وتاريخ المماليك لطقوش (ص ٣٠١ - ٣١٢).
(١) انظر: مصر والشام في عصر المماليك والأيوبين لابن عاشور (ص ٢١٧) وما بعدها.
(٢) هو: السلطان الظاهر أبو سعيد سيف الدين برقوق بن آنص العثماني الجاركسي، كان من مماليك يلبغا العمري، ولما قتل يلبغا حبس مدة طويلة، ثم أفرج عنه، وطلبه الملك الأشرف وصار بخدمة أولاده، ولم يزل على ذلك حتى ثار من ثار من مماليك يلبغا على الملك الأشرف، سنة (٧٧٨ هـ) وقتل الأشرف، ثم حدثت وقائع، حتى صار برقوق أتابك العسكر من سنة (٧٧٩ - إلى ٧٨٢ هـ)، ووقعت وقائع بعد ذلك، حتى صار سلطان البلاد سنة (٧٨٤ هـ)، ومات سنة (٧٨٦ هـ). انظر: النجوم الزاهرة لابن تغري بردي (١١/ ٢٢١).
(٣) هو: السلطان الملك المنصور علاء الدين علي ابن السلطان الأشرف شعبان بن حسين بن الناصر محمد بن قلاوون، تسلطن في حياة والده، ثم جددوا له البيعة بعد مقتل والده الملك الأشرف سنة (٨٧٨ هـ) ومات (٧٨٣ هـ). انظر: النجوم الزاهرة (١١/ ١٤٨).
(٤) هو: السلطان الملك الصالح أمير حاج ابن السلطان الأشرف شعبان بن حسين بن الناصر محمد بن قلاوون، تسلطن بعد وفاة أخيه الملك علاء الدين علي سنة (٧٨٣ هـ)، وبعد سنة وسبعة أشهر خلع من السلطنة، واستمر عند أهله بقلعة الجبل إلى أن أعيد للسلطنة ثانيًا بعد خلع الملك الظاهر برقوق سنة (٧٩١ هـ)، وتغير لقبه إلى الملك المنصور. انظر: النجوم الزاهرة (١١/ ٢٠٦).