للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الفخر الرازي في كتاب أسرار القرآن (١): "قوله تعالى: ﴿إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ (٦)[الصافات] لا يسمى كون الكواكب موجودة فيها، وذلك لأن السموات إذا كانت شفافة فالكواكب سواء كانت فيها أو في سموات أخرى فوقها فهي لابد وأن تظهر في السماء الدنيا وتلوح منها، فعلى التقديرين تكون السماء الدنيا متزينة بهذه المصابيح".

قال عبد السلام بن بَرَّجان: "ذكر الذين تعاطوا معرفة أجرام الكواكب وأبعاد الأفلاك فزعموا أن الشمس هي أكبر من الأرض مائة وثمانية وثمانين ضعفا، ومنهم من زاد على ذلك إلى ثلاثمائة ضعف، وكذلك قالوا في القمر وسائر الكواكب بالزيادة على الأرض، وفاضلوا بين ذلك فإن كان المعنى منهم بموضع المضاعفة طريق الشمس في فلكها من مشرقها إلى مغربها ثم بمصعدها في أعلى مسالكها في ذلك ومنازلها أدنى ذلك في المشارق والمغارب فربما قارنوا أو ظن بهم ذلك، وإن كان هذا غير مُدركٍ لبشر من غير توقيف نبوة ولا إعلام بوحي من عبد اللَّه، وإن كان المعني بذلك قرص الشمس، فالمُشاهدة تُبطل ذلك، وإنما لو معهم في هذا التهافت من أمر اللَّه المجعول فيها وبها" (٢).

وذكر بقية كلامه في تفسير سورة الأنعام إلى أن قال: "والقائلون بها تقدم ذكره من عظم أجرام الكواكب هم القائلون حقًا انهما لا يطلعان على جميع الأرض" (٣).

قال صاحب زاد المسافر في الطب (٤): "والعين ليس فيها نور وإنما نورها والضوء فيها إنما هو مُكتسب من الأنوار المُشرقة التي هي الشمس والقمر والكواكب".

قال شيخنا الإمام أبو العباس: "وليس مع أحد دليلٌ على أن الأرض إلى المركز جنس واحدٌ متماثل حتى يمتنع أن تكون سبع أرضين، يعني قول اللَّه تعالى: ﴿وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ﴾ [الطلاق: ١٢] بل علم الهيئة بعضه يقوم عليه دليل كاستدارة الأفلاك، وبعضه لا يقوم عليه دليل مثل كون الثامن أو التاسع هو المحيط وكون الشمس في الرابعة".


(١) كتاب أسرار القرآن للرازي لا يزال مفقودًا، وليس هو كتاب عجائب القرآن.
(٢) انظر: تفسير ابن برجان (٢/ ٢٣٨) وتقدم ذكره سابقًا.
(٣) انظر: نفس المصدر (٢/ ٢٣٩).
(٤) الفيلسوف الباهر شيخ الطب أبو جعفر أحمد بن إبراهيم بن أبي خالد ابن الجزار القيرواني، تلميذ إسحاق بن سليمان الإسرائيلي، اتصل بالدولة العبيدية، وكثرت أمواله وحشمته. وصنف الكثير، من ذلك كتاب زاد المسافر في الطب، وغيرها، كان حيا في دولة المعز باللَّه. انظر: السير للذهبي (١٥/ ٥٦١).