للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والنصارى واليهود والمجوس" قال: "وإنما قال قول الجمهور من المسلمين والنصارى واليهود ولم نقل قول الجميع من المسلمين والنصارى واليهود لأن قومًا من المسلمين كأبي نصر الفارابي وأبي علي بن سينا وأبي الرجاء البغدادي وشرذمة قليلة من النصارى واليهود خالفوا في ذلك".

قلت (١): "هؤلاء ليسوا مسلمين ولا كتابيين وإنما هم منافقون".

قال: "وأما القسم الثاني فهو أن يكون قديم الذات والصفات معًا، فهو قول أرسطاطاليس وأصحابه مثل: ثاوفرسطيس (٢)، وثامسطيوس (٣)، وبرقلس (٤)، والاسكندر الأفردوسي (٥)، وفرفوريوس (٦)، ومن المتأخرين الحكماء الإسلاميين أبي نصر الفارابي (٧)، وأبي علي بن سينا (٨)، وحكى يحيى النحوي (٩) عن برقلس: أن أول من قال بهذا القول هو أرسطاطاليس، إذا عرفت هذا فنقول: أن هؤلاء زعموا أن السموات قديمة بذواتها وصفاتها المعينة، أعني الشكل والمقدار وغير ذلك، سوى الحركات والأوضاع فإنها حادثة، أو كل حركة وكل وضعٍ فهو


(١) القائل هو المؤلف ابن المحب الصامت .
(٢) ثاوفرسطيس من كبار تلامذة أرسطوطاليس وكبار أصحابه، واستخلفه على كرسي حكمته بعد وفاته، وكانت المتفلسفة في عهده تختلف إليه، وتقتبس منه. انظر: الملل والنحل للشهرستاني (٢/ ٢٠٦).
(٣) ثامسطيوس كان فيلسوفا في حسب ما ذكرته تصانيفه في تفاسير كتب أرسطوطاليس وكان كاتبا لليوليانس المرتد إلى مذهب الفلاسفة عن النصرانية وزمانه بعد زمان جالينوس. انظر: أخبار العلماء للقفطي (ص ٨٧).
(٤) برقلس ديدوخس أفلاطوني من أهل أطاطولة وهو برقلس القائل بالدهر الذي تجرد للرد عليه يحيى النحوي بكتاب كبير صنفه في ذلك. انظر: نفس المصدر (ص ٧٣).
(٥) الإسكندر الأفروديسي، كان بعد أرسطو، وهو من كبار الحكماء. انظر: المختصر لأبي الفداء الأيوبي (١/ ٨٥).
(٦) فرفوريوس الصوري من أهل مدينة صور من ساحل الشام وقيل كان اسمه أمونيوس وغير وكان بعد زمن جالينوس وله النباهة في علم الفلسفة والتقدم في معرفة كلام أرسطوطاليس، صنف كتاب ايساغوجي وسار مسير الشمس. انظر: أخبار الحكماء للقفطي (ص ١٩٥).
(٧) محمد بن محمد بن طرخان بن أَوْزَلغ أبو نصر التركي الفارابي الحكيم صاحب الفلسفة، وله تصانيف مشهورة، من ابتغى الهدى منها أضله اللَّه. وبكتبه تخرج أبو علي بن سينا، توفي سنة ٣٣٩ هـ. انظر: السير للذهبي (١٥/ ٤١٦ - ٤١٨).
(٨) أبو علي الحسين بن عبد اللَّه بن الحسن بن علي بن سينا البلخي ثم البخاري، صاحب التصانيف في الطب والفلسفة والمنطق، كان أبوه كاتبا من دعاة الإسماعيلية، وتوفي أبو علي سنة ٤٢٨ هـ. انظر: السير للذهبي (١٧/ ٥٣١ - ٥٣٤) والعِبر له (٢/ ٢٥٨).
(٩) يحيى النحوي كان اسقفا في بعض الكنائس بمصر ويعتقد مذهب النصاري اليعقوبية ثم رجع عما يعتقده النصارى في التثليث فاجتمعت الأساقفة وناظرته فغلبهم واستعطفته وآنسته وسألته الرجوع عما هو عليه وترك إظهاره فأقام على ما كان عليه وأبى أن يرجع فأسقطوه وعاش إلى أن فتحت مصر على يدي عمرو بن العاص فدخل إليه وأكرمه ورأى له موضعا وقد فسر كتب أرسطاليس ورد عليه وعلى غيره. انظر: الفهرست لابن النديم (ص ٣١٤) وغيره.