للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسبوق بحركة أخرى ووضعٍ آخر إلى ما لا نهاية له، فالحركة قديمة بتنوعها حادثة بشخصها، وكذلك الوضع قديم بنوعه حادث بشخصه، وقد عرفت معنى الوضع فيما قبل، وأما العناصر فالهيولي منها قديمة بشخصها والجسمية أي الصورة الجسمية منها قديمة بنوعها".

قال: "وأما القسم الثالث وهو أن يكون الجسم قديم الذات مُحدث الصفات فهو قول الفلاسفة الذين كانوا قبل أرسطاطاليس في الزمان: كتاليس (١)، وأنكساغورس (٢)، وفيثاغورس (٣)، وسقراط (٤)، وقول جميع الثنوية (٥) كالمانوية (٦)، والديصانية (٧)، والمرقيونية (٨)، والماهانية (٩)، والحرنانية (١٠): وهم الذين قالوا


(١) تاليس أول من تفلسف في ملطية. قال: إن للعالم مبدعا، لا تدرك صفته العقول من جهة هويته، وإنما يدرك من جهة آثاره، وهو الذي لا يعرف اسمه فضلا عن هويته، إلا من نحو أفاعيله، وإبداعه، وتكزينه الأشياء. . انظر: الملل للشهرستاني (٢/ ١١٩).
(٢) أنكساغورس حكيم مشهور مذكور كان قبل أرسطوطاليس وعاصره وهو من مشاهير الفلاسفة ومذكور بهم وله مقالات منقولة في مدارس التعليم، من أهل ملطية. انظر: الملل للشهرستاني (٢/ ١٢٢) وأخبار العلماء للقفطي (ص ٥٢).
(٣) فيثاغورس ويقال فوثاغوراس وفوثاغوريا، كان بعد بندقليس بزمان وأخذ الحكمة عن أصحاب سليمان بن داود بمصر حين دخلوا إليها من بلاد الشام وكان قد أخذ الهندسة عن المصريين. انظر: أخبار الحكماء للقفطي (ص ١٩٦).
(٤) سقراط كان من تلاميذ فيثاغورس اقتصر من الفلسفة على العلوم الإلهية وأعرض عن ملاذ الدنيا وأعلن بمخالفة اليونانيين في عبادتهم الأصنام وقابل رؤساءهم بالحجاج والأدلة الإلهية. انظر: أخبار الحكماء للقفطي (ص ١٥٣) وعيون الأنباء لابن أبي أصيبعة (ص ٧٠).
(٥) أصل اعتقاد هؤلاء في الجملة أنّ المبدأ شيئان اثنان نور وظلمة وأن النور كان في أعلى العُلْو وأنّ الظلمة كانت أسفل السُفْل نورًا خالصًا وظلمةً خالصةً غير مماسّين على مثال الظلّ والشمس فامتزجا فكان من امتزاجها هذا العالم. انظر: البدء للمطهر المقدسي (١/ ١٤٢).
(٦) المانوية أصحاب ماني بن فاتك الحكيم، ظهر في زمان سابور بن أردشير، وقتله بهرام بن هرمز بن سابور، وذلك بعد عيسى بن مريم. أحدث دينا بين المجوسية والنصرانية، وكان يقول بنبوة المسيح ولا يقول بنبوة موسى ، زعم أن العالم مصنوع من أصلين قديمين: النور، والظلمة. انظر: التنبيه والرد للملطي (ص ٩٢) والملل للشهرستاني (٢/ ٤٩) والجواب الصحيح لابن تيمية (٢/ ١١١).
(٧) الديصانية أصحاب ديصان. أثبتوا أصلين: نورا، وظلاما، فالنور يفعل الخير قصدا واختيارا، والظلام يفعل الشر طبعا واضطرارا. فما كان من خير فمن النور. وما كان من شر وضرر ونتن وقبح فمن الظلام. انظر: الملل للشهرستاني (٢/ ٥٥).
(٨) تنسب المرقيونية إلى مرقيون وكان ابنا لبعض الأساقفة ببلاد حران، أثبتوا أصلين قديمين متضادين: أحدهما النور، والثاني الظلمة، وأثبتوا أصلا ثالثا هو المعدل الجامع، وهو سبب المزاج، فإن المتضادين لا يمتزجان إلا بجامع. وقالوا: إن الجامع دون النور في المرتبة وفوق الظلمة، وحصل من الإجتماع والامتزاج هذا العام. انظر: التنبيه والإشراف للمسعودي (ص ١١١) والملل للشهرستاني (٢/ ٥٧).
(٩) لم أجد لها ذكرا في كتب الملل والفرق.
(١٠) الحرنانية هم جماعة من الصابئة، قالوا: إن الصانع المعبود واحد وكثير. أما واحد: ففي الذات والأول والأصل والأزل. وأما كثير: فلأنه يتكثر بالأشخاص في رأي العين، وهي المدبرات السبعة والأشخاص الأرضية الخيرة العاملة الفاضلة. فإنه يظهر بها ويتشخص بأشخاصها ولا تبطل وحدته في ذاته. انظر: الملل للشهرستاني (٩/ ٣٤٧).