للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد يتعدى باللام إذا ضُمِّنَ معنى فعل آخر يتعدى باللام، وهو الفعل (استجاب) قال تعالى: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ} [آل عمران: ١٩٥]، ولأن مجرد السمع لا يستفيد منه الحامد، فإن الله تعالى يسمع من حَمِدَهُ ومن لم يحمده، وإنما يستفيد بالاستجابة، لأن الذي يحمد الله تعالى يرجو الثواب، فإذا استجاب الله له فقد أثابه، وقد أشار ابن القيم إلى شيء من هذا (١).

قوله: (لمن حمده) أي: لمن وصفه بصفات الكمال حباً وتعظيماً.

قوله: (ربنا ولك الحمد) أي: يا ربنا، فهو منادى بحرف نداء مقدر، والواو عاطفة على مقدر، أي: يا ربنا أطعنا، ولك الحمد، فيكون في تقدير جملتين.

وهذا لفظ الصحيحين - كما تقدم - والصيغة الثانية: ربنا لك الحمد، وقد أخرجها البخاري وهي في حديث أبي هريرة، كما تقدم، وأخرجها مسلم في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، وسيأتي بعد حديث أبي هريرة هذا.

والصيغة الثالثة: اللهم ربنا لك الحمد، بزيادة (اللهم) وهي في حديث أبي هريرة رضي الله عنه وسيأتي، وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما (٢).

والصيغة الرابعة: اللهم ربنا ولك الحمد، وهي في حديث أبي هريرة رضي الله عنه (٣) وفيها من البلاغة تكرار النداء، فكأنه قال: يا الله يا ربنا.

الوجه الثالث: الحديث دليل على مشروعية التكبير عند الدخول في الصلاة، وهو ركن لا تنعقد الصلاة إلا به، وعلى مشروعية التكبير حين الركوع، والسجود، والرفع منه، والقيام من التشهد الأول.

وبهذا يتبين أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يكبر الله تعالى عند الافتتاح، وفي كل خفض ورفع، ما عدا الرفع من الركوع، وهذه التكبيرات واجبة على قول أحمد وجماعة من السلف والخلف (٤)، وهو الراجح لما يلي:

١ - قوله صلّى الله عليه وسلّم: «إذا كبر الإمام فكبروا»، فتدخل تكبيرات الانتقال في عمومه.


(١) "بدائع الفوائد" (٣/ ٧٥ - ٧٦).
(٢) "صحيح مسلم" (٤٧٨).
(٣) "صحيح البخاري" (٧٩٥).
(٤) "المغني" (٢/ ١٨٠، ٣٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>