للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أشهر، على أنه صفة لموصوف محذوف، وهذا الموصوف منصوب على المصدر، والعامل فيه المصدر قبله، والتقدير: حمداً ملءَ السماوات.

والمعنى: حمداً لو كان أجساماً لملأ السماوات والأرض، والمقصود به التمثيل والتقريب، لا حقيقة ذلك، لأن الكلام لا يقدر بالمكاييل ولا تحشى به الظروف، وإنما المراد به: تكثير العدد وتعظيم الحمد وتفخيم شأنه، وأن الله تعالى محمود على كل فعل أو خلق في السماوات والأرض وما بينهما، ذكر معنى هذا الخطابي (١).

وأما الرفع فعلى أنه خبر لمبتدأ محذوف تقديره: هو.

والسماوات بلفظ الجمع، وقد جاء في حديث ابن أبي أوفى بلفظ الإفراد (ملء السماء والأرض)، وفي حديث ابن عباس: (ملء السماوات وملء الأرض وما بينهما) بزيادة: (بينهما)، ولعل تركها في الأحاديث الأخرى لإرادة العلويات والسفليات منهما، وهي شاملة لما بينهما، لأنه لا يخلو عنهما، ومنه قوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ} [الأعراف: ٥٤]، وقوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ} [ق: ٣٨].

قوله: (وملء ما شئت من شيء بعدُ) ظرف مبني على الضم لقطعه عن الإضافة مع إرادة المضاف إليه، وهو السماوات والأرض.

وهذا إشارة إلى أن حمد الله تعالى لا منتهى له ولا يحصيه عاد، ولا يجمعه كتاب، فأحال الأمر فيه على مشيئة الله تعالى، وليس وراء ذلك للحمد منتهى.

قوله: (أهلَ الثناء والمجد) بالنصب على الاختصاص، أو على النداء ويجوز رفعه على أنه خبر لمبتدأ محذوف أي: أنت أهل الثناء والمجد.

والثناء: هو المدح بالأوصاف الكاملة، والمجد: هو العظمة ونهاية الشرف.


(١) "شأن الدعاء" ص (١٥٥، ١٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>