للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الجسد وأسافله، وأعضاء كسبه وسعيه، فيكمل ذل العبد وعبادته لله عزّ وجل، لأن السجود عليها إذلال لها لله رب العالمين.

ويستثنى من ذلك من عجز عن السجود ببعض الأعضاء كإحدى يديه أو أنفه ونحو ذلك فإنه يسجد على بقية الأعضاء، لقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: ١٦].

الوجه الرابع: دل الحديث بمفهومه أنه لا يجوز للمصلي أن يرفع عضواً من أعضائه حال سجوده، كاليد والرجل أو الأنف ونحو ذلك، فإن فعل لم يصح سجوده؛ لأنه لم يسجد على هذا العضو الذي رفعه، وبه يتبين خطأ من يسجد على جبهته ويرفع أنفه، أو يرفع قدميه أو أحدهما، أو يضع أحدهما على الأخرى.

وهذا إن كان الرفع من ابتداء السجدة إلى آخرها، فإن رفع العضو ثم وضعه في أثناء السجدة فقد أدى الركن، لكن لا ينبغي له ذلك، لأن الأصل أن تبقى الأعضاء على الأرض مدة السجود.

وقد ورد في حديث العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «أُمرت أن أسجد على سبع: الجبهة والأنف واليدين والركبتين والقدمين» (١).

وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «لا صلاة لمن لم يَمُسَّ أنفُه الأرض» (٢).

الوجه الخامس: ظاهر الحديث أنه لا يجب على المصلي كشف شيء من هذه الأعضاء لو كان مستوراً، بل يسجد على العضو ولو مع الساتر، كشراب الرجلين أو اليدين، أو ما يلبس في الشتاء غطاء للرأس والجبهة ونحو ذلك، لأمرين:


(١) أخرجه مسلم (٤٩١).
(٢) أخرجه الدارقطني (١/ ٣٤٨) والحاكم (١/ ٢٧٠) وقال: (هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه) وسكت عنه الذهبي، وصححه الألباني كما في "تمام المنة" ص (١٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>