للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قوله: (تتخذ خلاًّ) الضمير يعود على الخمر، وهي مؤنثة، وقد تذكّر، والخَلُّ: بفتح الخاء وتشديد اللام، هو ما حَمُض من عصير العنب ونحوه، والظاهر أن هذا السؤال كان بعد تحريم الخمر.

والمراد باتخاذها خلاًّ هو علاجها حتى تصير خلاًّ بعدما تشتد وتقذف الزبد، وذلك بوضع شيء فيها، كبصل أو خبز أو خميرة أو حجر ونحو ذلك، أو ينقلها من الظل إلى الشمس أو بالعكس، أو يخلطها بالخل أو غير ذلك من طرق تخليلها.

الوجه الثالث: تقدم أن المؤلف ساق هذا الحديث في باب النجاسات لبيان نجاسة الخمر، وهذه مسألة اختلف العلماء فيها على قولين:

الأول: أن الخمر نجسة باشتدادها وإسكارها، فإن النجاسة هي القذارة، وهي بشدتها صارت قذرة يجب اجتنابها، فإذا أصابت البدن أو الثوب أو الإناء وجب غسله للنجاسة، وهذا قول جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة، وهو مذهب الظاهرية (١)، واختار هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية (٢)، والشيخ محمد الأمين الشنقيطي (٣)، والشيخ عبد العزيز بن باز، رحم الله الجميع.

الثاني: أن الخمر طاهرة، ونسبه القرطبي إلى ربيعة بن عبد الرحمن شيخ الإمام مالك، والليث بن سعد، والمزني (٤)، وهو قول داود الظاهري وجماعة من الفقهاء، واختار هذا القول الصنعاني (٥) والشوكاني (٦)، وأحمد شاكر (٧).

استدل الجمهور على نجاستها بقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة: ٩٠].


(١) "شرح فتح القدير" (٩/ ٢٨)، "نهاية المحتاج" (١/ ٢١٧)، "المبدع" (١/ ٣٢٠)، "الخرشي على مختصر خليل" (١/ ٨٤)، "المحلى" (١/ ١٩١).
(٢) "الفتاوى" (٣٤/ ٢٠٤).
(٣) "أضواء البيان" (٢/ ١٢٧).
(٤) "الجامع لأحكام القرآن" (٦/ ٢٨٨، ٢٨٩)، "المجموع" (٢/ ٥٦٣).
(٥) "سبل السلام" (١/ ٦٢).
(٦) "السيل الجرار" (١/ ٣٥).
(٧) تعليقه على "المحلى" (١/ ١٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>