للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ووجه الدلالة من وجهين:

الأول: أن الله تعالى سمى الخمر رجساً، والرجس يقع على الشيء المستقذر النجس، والنجس حرام، وقد سمى الله تعالى النجاسات من الميتة والدم المسفوح ولحم الخنزير رجساً.

الثاني: أن الله تعالى قال: {فَاجْتَنِبُوهُ}، وهذا يفيد اجتناب الخمر من كل وجه، فلا يجوز شربها ولا بيعها ولا تخليلها ولا المداواة بها ولا غير ذلك.

كما استدلوا بحديث أبي ثعلبة المتقدم في حكم أواني أهل الكتاب، ووجه الدلالة: أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم أمر أبا ثعلبة الخشني وقومه بغسل أواني أهل الكتاب التي يطبخون فيها الخنزير، ويشربون فيها الخمر، وأن لا يستعملوها إلا إذا لم يجدوا غيرها، بعد أن يغسلوها، والأمر بغسلها دليل نجاستها، ولو كانت طاهرة لم يأمرهم صلّى الله عليه وسلّم بغسلها.

واستدل القائلون بطهارتها بما يلي:

١ - حديث أنس رضي الله عنه أن الخمر لما حرمت خرج الناس وأراقوها في الأسواق (١)، ووجه الدلالة: أن الصحابة أراقوا الخمر في طرقات المدينة، ولم ينههم النبي صلّى الله عليه وسلّم عن ذلك، ولو كانت نجسة لنهاهم عن ذلك، كما نهى عن التخلي في الطرق.

٢ - أن الأصل في الأشياء الطهارة، حتى يقوم دليل النجاسة، ولم يَروا في الأدلة التي ساقها القائلون بالنجاسة ما يوجب الانتقال عن هذا الأصل، لأنها أدلة غير صريحة في المراد.

والذي يظهر - والله أعلم - القول بنجاسة الخمر، لقوة أدلة القائلين بذلك، ولا سيما حديث أبي ثعلبة، فإنه سأل الرسول صلّى الله عليه وسلّم عن الأواني التي يطبخ فيها الخنزير والأواني التي يشرب فيها الخمر فكان الجواب لهما معاً: «إن لم تجدوا غيرها فارحضوها واطبخوا فيها واشربوا»، ولأن القول بنجاستها


(١) أخرجه البخاري (٢٤٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>