للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

النبي صلّى الله عليه وسلّم وهيئاته في الصلاة، وقد ساق ابن المنذر، ومن قبله ابن أبي شيبة ما ورد عن هؤلاء الصحابة رضي الله عنهم بأسانيد صحيحة (١).

قال النعمان بن أبي عياش: أدركت غير واحد من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم، فكان إذا رفع رأسه من السجدة في أول ركعة والثالثة قام هو ولم يجلس (٢).

وهذا قول أبي حنيفة، ومالك، والمشهور من مذهب أحمد، وعزاه النووي إلى الكثيرين أو الأكثرين (٣).

وحملوا الأحاديث الواردة فيها على أنها فُعِلَتْ بسبب الضعف للكبر، لا لأنها مقصودة للقربة، لأن مالك بن الحويرث إنما قدم على النبي صلّى الله عليه وسلّم بعد أن كبر صلّى الله عليه وسلّم، وذلك أثناء تجهزه لغزوة تبوك، وهي سنة تسع، فكان يجلس هذه الجلسة لكبره، فمع هذا الاحتمال لا تثبت المشروعية على وجه الإطلاق.

قالوا: ولأنها لو كانت سنة دائمة لذكرها كل من وصف صلاة النبي صلّى الله عليه وسلّم لتوفر الهمم والدواعي على نقلها، ومن هؤلاء صحابة ملازمون للنبي صلّى الله عليه وسلّم، كما تقدم.

وقد ذكر الأصوليون في مبحث الأفعال النبوية أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قد يفعل العبادة بأجزائها الواجبة والمندوبة كالصلاة - مثلاً - بياناً لقوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} [البقرة: ٤٣]، ويفعل في أثنائها بعض الأفعال المباحة، كما وقع في الحج، ولذا قال أبو الحسن التميمي: (الذي انتهى إليَّ من قول أبي عبد الله - يعني الإمام أحمد - أن فعل النبي صلّى الله عليه وسلّم موقوف على ما يضامه من الدليل) (٤).

وهذا كلام دقيق، فقد تكون جلسة الاستراحة مما فعله صلّى الله عليه وسلّم بياناً، وقد تكون من الأفعال المباحة للحاجة إليها - كما تقدم - ويكون دليل ذلك ما انضم إليه من أن واصفي صلاة النبي صلّى الله عليه وسلّم لم يذكروها.


(١) "المصنف" (١/ ٣٩٤ - ٣٩٥).
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة (١/ ٣٩٥).
(٣) "المجموع" (٣/ ٤٤٣)، "المغني" (٢/ ٢١٢).
(٤) انظر: "العدة" لأبي يعلى (٣/ ٧٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>