قوله:(فيمن هديت) أي: اجعلني معدوداً في جملة من هديت مندرجاً في زمرتهم، وهذا فيه توسل إلى الله تعالى بفعله عزّ وجل، فكأنه قال: كما هديت غيري فاهدني.
قوله:(وعافني فيمن عافيت) أي: ارزقني العافية عن كل نقص في الدنيا أو الدين، يؤثر على صلاح العبد وسيره إلى الله تعالى، فهو يسأل ربه العافية من أسقام الدين، وهي أمراض القلوب التي مدارها على الشهوات المهلكة والشبهات المضلة، وأن يعافيه من أمراض الأبدان التي تؤدي إلى اعتلال البدن، وفقد قوته ونشاطه الذي هو قوام عمله لدينه ودنياه.
قوله:(وتولني فيمن توليت) أي: كن لي ولياً ومعيناً وناصراً، تحفظني عن كل مخالفة ونظر إلى غيرك.
قوله:(وبارك لي فيما أعطيت) أي: أنزل البركة فيما أعطيتني من العلم والمال والجاه والولد وغير ذلك، وحذف المتعلق لإرادة التعميم، والله تعالى إذا بارك لعبده في شيء فليس لبركته منتهى.
قوله:(وقني شر ما قضيت)(ما) موصولة: أي: شر الفعل الذي قضيت به علي، أو مصدرية، أي: شر قضائك، والمراد: المقضي، لا نفس القضاء الذي هو فعل الله تعالى لأنه خير مطلقاً، والمعنى: اجعل لي وقاية من عندك تقيني شر ما قضيته عليَّ ودبرته، وذلك بأن تحفظني من شر الفعل الذي قضيت به عليَّ وشر ما يقترن به من السخط والجزع الذي يمنع الثواب، لأن ما قضاه الله تعالى على عبده قد يكون خيراً، إذا كان يلائم العبد من العلم والصحة والمال والولد الصالح وما أشبه ذلك، وقد يكون شراً إذا كان لا يلائم العبد من الجهل والمرض والفقر والولد غير الصالح ونحو ذلك، وهذا وإن كان شراً فهو في الحقيقة خير، لأنه ينطوي تحته حكم عظيمة، ومصالح كثيرة للعبد، ولهذا قال النبي صلّى الله عليه وسلّم:«والشر ليس إليك»(١).
(١) أخرجه مسلم (٧٧١) في حديث طويل تقدم في أدعية الاستفتاح.