ومعناه: أن ما يقدره الله تعالى على عبده قد يكون شراً إذا كان لا يلائمه، لكن فعل الله تعالى ليس بشر، لأن أفعاله كلها خير وحكمة، وفيها مصالح عظيمة علمها من علمها وجهلها من جهلها، فباعتبار نسبتها إلى العبد قد تكون شراً، وباعتبار نسبتها إلى الله تعالى لكونه قضاها وقدرها ليست بشر بل هي خير.
قوله:(فإنك تقضي ولا يقضى عليك) جملة تعليلية، والفاء قد ثبتت في رواية الترمذي وإحدى روايات النسائي.
والمعنى: إنه لا يعطي تلك الأمور العظام إلا من كملت قدرته وقضاؤه ولم يوجد منها شيء في غيره، والله تعالى يقضي بما أراد ولا أحد يقضي على الله تعالى، قال تعالى:{وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}[غافر: ٢٠].
قوله:(إنه لا يذل من واليت) الضمير للشأن، ويذل: بفتح الياء وكسر الذال المعجمة، من باب «ضرب» أي: لا يضعف ولا يهون من واليت، وهي الدلالة الخاصة.
قوله:(ولا يعز من عاديت) هذه الجملة عند الطبراني والبيهقي، و (يعز) بفتح الياء وكسر العين، من باب «ضرب» من العز، وهو ضد الذل، والمعنى: لا يَغْلِبُ من عاديته ولا ينتصر بل هو ذليل، لأن من والاه الله فهو منصور، ومن عاداه فهو مغلوب ومقهور.
وهذا ليس على عمومه، بل قد يعرض أحوال يَعِزّ فيها الكفار، ويذل فيها المؤمنون، كما حصل للنبي صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه في غزوة أحد، ويكون في ذلك مصالح عظيمة، أو يكون معنى الحديث: عزاً كاملاً أو عزاً مطرداً، فإن ما يحصل لغير المؤمنين عزٌّ مؤقت ثم يزول.
قوله:(تباركت ربنا وتعاليت) تباركت: أي تعاظمتَ وتزايد برك وإحسانك، وتعاليت: من التعالي وهو العلو، وزيدت التاء للمبالغة، والمعنى: لك علو الذات وعلو الصفة، فالله تعالى فوق كل شيء، وهو موصوف بصفات الكمال.