للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولعل الحكمة - والله أعلم - في الإتيان بضمير الجمع في قوله: (ربنا) دون ما تقدم من قوله: (اهدني .. إلخ) أن ذلك مقام سؤال ودعاء، وهو مناسب للتذلل والانكسار، وهذا مقام ثناء على الرب سبحانه وتعالى، فناسب الإتيان بضمير الجمع، إما إشارة إلى العجز عن قيام المرء بمفرده بأداء حق ثنائه، أو إشارة إلى الرفعة بهذه الإضافة الشريفة إلى الرب جل وعلا.

الوجه الرابع: استدل بهذا الحديث من قال: بمشروعية القنوت في صلاة الوتر واستحبابه فيه، وأن يدعو بهذا الدعاء الجامع لخيري الدنيا والآخرة، ويدعو به الإمام بصيغة الجمع، مراعاةً لحال المأمومين وتأمينهم عليه.

ويصلي على النبي صلّى الله عليه وسلّم في آخر دعائه، وهذا وإن لم يثبت في دعاء القنوت متصلاً به - كما تقدم - فقد ثبت ذلك عن بعض الصحابة رضي الله عنهم.

فقد أخرج إسماعيل القاضي بسنده عن عبد الله بن الحارث أن أبا حليمة - معاذ الأنصاري - كان يصلي على النبي صلّى الله عليه وسلّم في القنوت (١).

وكذا ورد عن أُبَيِّ بن كعب عندما صلّى بالناس قيام رمضان في عهد عمر رضي الله عنه أنه صلّى على النبي صلّى الله عليه وسلّم في آخر القنوت (٢).

وإن زاد الإمام بعض الأدعية المأثورة فحسن، وإن دعا بما يناسب بعض الأحوال العارضة، كالاستغاثة حال الجدب، أو الدعاء بنصرة المسلمين عند تسلط الأعداء، ونحو ذلك جاز، لكن على الإمام في دعاء القنوت في رمضان مراعاة ثلاثة أمور:

الأول: أن يحرص على الأدعية الواردة في الكتاب والسنة، وأن يجتنب


(١) قال الألباني: (إسناده موقوف صحيح، وأبو حليمة: هو معاذ بن الحارث الأنصاري القارئ، ورواه ابن نصر بلفظ: كان يقوم في القنوت في رمضان، يدعو، ويصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم -، ويستسقي الغيث) "فضل الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -" ص (٨٨).
(٢) أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه" (٢/ ١٥٥) وسنده حسن.

<<  <  ج: ص:  >  >>