للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

السجع والتكلف، والدعاء المخترع، والتفاصيل الدقيقة التي تجعل الدعاء إلى الوعظ والترهيب أقرب، وعليه أن يختار الجوامع من الأدعية، لقول عائشة رضي الله عنها: (كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يستحب الجوامع من الدعاء، ويدع ما سوى ذلك) (١)، وإن بدأه بحمد الله تعالى والثناء عليه، ثم الصلاة على النبي صلّى الله عليه وسلّم فهو أولى (٢)، لحديث فضالة بن عبيد رضي الله عنه قال: (سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم رجلاً يدعو في صلاته لم يُمَجِّد الله تعالى، ولم يصلِّ على النبي صلّى الله عليه وسلّم، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «عَجَّلَ هَذَا»، ثم دعاه فقال له أو لغيره: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَليَبْدَأْ بِتَحْمِيد ربِّهِ جَلَّ وعَزَّ وَالثَّنَاءِ عَلَيهِ، ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم ثُمَّ يَدْعُو بَعْدُ بِمَا شَاءَ» (٣).

الثاني: ألاّ يطيل إطالة تشق على المأمومين، تؤدي إلى فتورهم وتسبب شكواهم، وقد قال النبي صلّى الله عليه وسلّم لمعاذ رضي الله عنه لما أطال في صلاة الفريضة: «أفتَّان أنت يا معاذ» (٤)؟ فكيف بالإطالة في دعاء القنوت، بل في أدعية مخترعة وأساليب مسجوعة؟!.

الثالث: أن يدعو الإمام بصوته المعتاد؛ فإنه أقرب إلى الإخلاص والتضرع، وأعظم في الأدب والتعظيم، وأدل على إحساس الداعي بقربه من ربه، وعليه أن يبتعد عن كل ما ينافي الضراعة والابتهال، أو يدعو إلى الرياء والإعجاب وتكثير المصلين خلفه من التلحين والتطريب أو التمطيط أو تصنع البكاء ونحو ذلك مما ظهر على بعض الأئمة في هذا الزمان، والله المستعان.

واعلم أنه لم يصح عنه صلّى الله عليه وسلّم أنه قنت في الوتر. وإنما أُخذت سُنية


(١) أخرجه أبو داود (١٤٨٢)، وأحمد (٤٢/ ٧٦)، والطبراني في "الدعاء" (٥٠)، والحاكم (١/ ٥٣٩)، من طريق الأسود بن شيبان، عن أبي نوفل، عن عائشة - رضي الله عنها - به، وهذا سند صحيح، الأسود من رجال مسلم، وأبو نوفل من رجالهما.
(٢) انظر: "الوابل الصيب" ص (١١٥).
(٣) أخرجه أبو داود (١٤٨١)، والترمذي (٣٤٧٧)، والنساني (٣/ ٤٤)، وقال الترمذي: (هذا حديث حسن صحيح)، وسيأتي شرحه برقم (٣١٦) إن شاء الله.
(٤) سيأتي الكلام عليه -إن شاء الله- في باب "صلاة الجماعة والإمامة" رقم (٤٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>