للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وما ورد من نصوص عامة فهي من العام الذي أريد به الخصوص، أو أنها من باب حمل المطلق على المقيد، وما أحسن ما قاله ابن رُشَيد رحمه الله: (إذا أطلق في الأحاديث الجلوس في الصلاة من غير تقييد فالمراد جلوس التشهد) (١)، ويؤيد ذلك بعض روايات حديث ابن الزبير رضي الله عنه قال: (كان إذا جلس في اثنتين أو في الأربع يضع يديه على ركبتيه، ثم أشار بإصبعه) (٢)، فقيد الإشارة في جلسة التشهد الأول والأخير، فدل على عدم الإشارة في غير ذلك.

ومن قال بها من المتأخرين أَخَذَ بظاهر كلام لابن القيم (٣)، واستدل بعموم الأحاديث التي ورد فيها تحريك السبابة في الجلوس في الصلاة، كما في حديث وائل، وفيه: (ثم جلس، فافترش رجله اليسرى، ثم وضع يده اليسرى على ركبته اليسرى، وذراعه اليمنى على فخذه اليمنى، ثم أشار بسبابته ووضع الإبهام على الوسطى، حلق بها، وقبض سائر أصابعه، ثم سجد … ) (٤) والله تعالى أعلم.


(١) "فتح الباري" (٢/ ٣١٠).
(٢) أخرجه النسائي (٢/ ٢٣٧)، والبيهقي (٢/ ١٣٢) وإسناده صحيح على شرط مسلم.
(٣) "زاد المعاد" (١/ ٢٣٨)، "فتاوى ابن عثيمين" (١٣/ ١٩١ - ٢١١).
(٤) أخرجه عبد الرزاق (٢/ ٦٨ - ٦٩) وعنه أحمد (٣١/ ١٥٠ - ١٥١) والطبراني في "الكبير" (٢٢ رقم ٣٣) عن سفيان الثوري، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل بن حجر به، وأخرجه الطبراني في "الكبير" (٢٢ رقم ٧٨) من طريق محمد بن يوسف الفريابي، ثنا سفيان به، ولم يذكر لفظة: (ثم سجد) وقد تابعه عبد الله بن الوليد، حدثني سفيان به، أخرجه أحمد (٣١/ ١٦٣ - ١٦٤) ولم يذكر السجدة بعد الإشارة، وهو صدوف ربما أخطأ، لكن روايته بمتابعة الفريابي له أرجح من رواية عبد الرزاق عن سفيان، ويتأيد هذا بأمور ثلاثة:
الأول: أن الفريابي كان ملازمًا للثوري، كما ذكر الحافظ في "تهذيبه" (٩/ ٤٧٣).
الثاني: أن العلماء استنكروا على عبد الرزاق أحاديث، أحدها: رواها عن الثوري، كما ذكر الحافظ - أيضًا - (٦/ ٢٨١) فلعل هذه الزيادة من أوهامه.
الثالث: أنه تابع الثوري في روايته المحفوظة جمع من الثقات الحفاظ، منهم عبد الواحد بن زياد، وشعبة، وزائدة بن قدامة … وغيرهم، ولم يذكروا لفظ: (ثم سجد) بل إن بعضهم ذكرها قبيل الإشارة، كما ذكر الألباني في "الصحيحة" (٥/ ٣٠٦) و"تمام المنة" ص (٢١٥)، وعليه فهذه اللفظة (ئم سجد) شاذة، كما قرر الشيخان ابن باز والألباني، ولا دليل على ثبوت الإشارة في هذا الموضع، والله تعالى أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>