للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الوجه الرابع: الحديث دليل على كيفية الصلاة على النبي صلّى الله عليه وسلّم في الصلاة، وقد ورد في ذلك أحاديث اشتملت على صيغ متنوعة، فإن أمكن للمصلي أن يأتي بهذه الصيغ وينوع في صلاته فيأتي بهذه الصفة تارة وبغيرها تارة أخرى فهذا أفضل، لما تقدم في قاعدة العبادات الواردة على وجوه متعددة، وإن اقتصر على صيغة واحدة فلا بأس، لكن على المسلم أن يتقيد بالوارد دون زيادة أو نقصان، وقد نقل ابن القيم إجماع المسلمين على مشروعية الصلاة على النبي صلّى الله عليه وسلّم في التشهد الأخير، وقال: (هو أهم مواطن الصلاة وآكدها) (١).

الوجه الخامس: استدل بهذا الحديث من قال بوجوب الصلاة على النبي صلّى الله عليه وسلّم بعد التشهد الأخير، لقوله: (قولوا: اللهم صلِّ على محمد) وهذا أمر، والأمر للوجوب، وهذا قول الشافعي (٢)، ورواية عن أحمد، اختارها الخرقي (٣)، وهو قول أبي عوانة حيث بوَّب بما يفيد الوجوب (٤)، وهو اختيار ابن العربي (٥)، وقد نصره ابن القيم (٦)، كما اختار ذلك الصنعاني (٧)، ورجحه الألباني (٨)، والشيخ عبد العزيز بن باز، والمشهور في مذهب الحنابلة أنها ركن (٩).

واعترض على الاستدلال بهذا الحديث بأن فيه الأمر بمطلق الصلاة عليه وهو يقتضي الوجوب في الجملة، فيحصل الامتثال ولو خارج الصلاة، وأجيب عنه: بأن رواية ابن خزيمة المذكورة تعيَّن فيها محل الصلاة عليه صلّى الله عليه وسلّم، وهو مطلق الصلاة، لكن ليس فيها ما يفيد إيقاعها بعد التشهد.

وأجاب عن ذلك الحافظ البيهقي، فقال: (وقوله في الحديث: «قد علمنا كيف نسلم عليك» إشارة إلى السلام على النبي صلّى الله عليه وسلّم في التشهد، فقوله: «كيف نصلي عليك» أيضاً يكون المراد به في القعود للتشهد) (١٠)، وكذا قال ابن


(١) "جلاء الأفهام" ص (١٨٠).
(٢) "الأم" (١/ ١٤٠).
(٣) انظر: "المغني" (٢/ ٢٢٨).
(٤) "مسند أبي عوانة" (١/ ٥٢٥).
(٥) "أحكام القرآن" (٣/ ١٥٨٤).
(٦) "جلاء الأفهام"، ص (١٨٠ - ٢٠١).
(٧) "سبل السلام" (٢/ ٣٢٤).
(٨) "صفة الصلاة" ص (١٨١).
(٩) "الإنصاف" (٢/ ١١٦).
(١٠) "السنن الكبرى" (٢/ ١٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>