للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

القيم، ومما يؤيد ذلك أن الإمام مسلماً ساق هذا الحديث في أحاديث صفة الصلاة مما يدل على أن المراد سؤالهم عن كيفية الصلاة في الصلاة، ولذا قال القاضي عياض: (هذا هو الأظهر) (١)، وهذا الحديث من أقوى أدلة القائلين بالوجوب، ولهم أدلة أخرى كلها معلولة.

القول الثاني: أن الصلاة على النبي صلّى الله عليه وسلّم لا تجب بعد التشهد، بل هي سنة، وهذا قول مالك، وأبي حنيفة، ورواية عن أحمد (٢)، وحكاه النووي عن الجمهور (٣) واختاره ابن المنذر (٤)، والشوكاني (٥).

واستدلوا بحديث ابن مسعود المتقدم في بيان التشهد، وفي آخره قال: (ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه) ولو كانت الصلاة عليه صلّى الله عليه وسلّم بعد التشهد واجبة لعلمهم إياها، ولم يتركهم حتى يسألوا عنها، لأن هذا موضع تعليم وبيان، وموضع التعليم لا يؤخر فيه بيان الواجب، كما أشار إلى معنى ذلك ابن المنذر.

فالأقوال ثلاثة: أنها واجبة، وقيل: ركن، وقيل: سنة، ومعلوم اصطلاح الفقهاء في التفريق بين واجبات الصلاة وأركانها، والقول بالوجوب قوي - في نظري - فإنه يتحصل من مجموع الأدلة الأمر بالصلاة على النبي صلّى الله عليه وسلّم في الصلاة؛ لصحة رواية ابن خزيمة المبينة للمراد، بناء على أن المراد بالصلاة الحقيقة الشرعية، وقد تقدم في حديث فضالة بن عبيد الأمر بالدعاء والصلاة على النبي صلّى الله عليه وسلّم قبل، والأدلة إذا اجتمعت شد بعضها بعضاً.

الوجه السادس: ظاهر هذا الحديث يدل على مشروعية الصلاة على النبي صلّى الله عليه وسلّم في التشهد الأول - أيضاً - لقول الصحابة رضي الله عنهم: (فكيف نصلي عليك إذا نحن صلينا عليك في صلاتنا)، فقال: (قولوا اللهم صلِّ على محمد … ) فلم يخص تشهداً دون تشهد.


(١) "إكمال المعلم" (٢/ ٣٠٢).
(٢) "الإنصاف" (٢/ ١١٧).
(٣) "شرح صحيح مسلم" (٤/ ٣٦٦).
(٤) "الأوسط" (٣/ ٢١٣).
(٥) "نيل الأوطار" (٢/ ٣٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>