وأما الرواية المذكورة فهي عند مسلم من طريق الأوزاعي، حدثنا حسان بن عطية، حدثني محمد بن أبي عائشة، أنه سمع أبا هريرة يقول:(قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: … ) فذكره، ولعلَّ غرض الحافظ من إيراد هذه الرواية تفسير المراد بالتشهد في الرواية الأولى، وأنه التشهد الأخير، وليس الأول.
الوجه الثاني: في شرح ألفاظه:
قوله:(إذا تشهد أحدكم) أي: قرأ التشهد، وهو التحيات لله … إلخ، والمراد به: التشهد الأخير، كما في رواية مسلم، وهذا ظاهر، لبناء التشهد الأول على التخفيف، كما تقدم، ولما تقدم في حديث ابن مسعود رضي الله عنه عند أحمد أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يدعو في آخر صلاته.
قوله:(من أربع) في رواية: (استعيذوا بالله من خمس: … فذكرها)(١)، وهذا على اعتبار المحيا والممات اثنتين، وفي حديث الباب واحدة.
قوله:(يقول: اللهم إني أعوذ بك) هذه الجملة بيان لما يستعاذ منه، فهي من التفصيل بعد الإجمال.
قوله:(من عذاب جهنم) أي: النار العظيمة البعيدة القعر، ولفظ (جهنم) من أسماء النار.
وهذه الاستعاذة تشمل الاستعاذة من الأسباب المؤدية إلى عذاب جهنم من الكفر والمعاصي، والاستعاذة من العقوبة والنكال، نسأل الله السلامة.
قوله:(ومن عذاب القبر) أصل القبر: مدفن الميت، والمراد به هنا: ما هو أعم من ذلك، وهو ما بين الموت وقيام الساعة وإن لم يدفن الميت، كالذي يحترق ويكون رماداً، أو تأكله السباع، ونحو ذلك.
(١) "سنن النسائي" (٨/ ٢٧٦) و"مسند أحمد" (١٥/ ٢٢٦) وإسناده صحيح على شرط مسلم.