للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والمراد بعذاب القبر: ما يحصل للميت في قبره من أليم النكال مما يحصل للبدن والروح معاً، والروح قد تتصل بالبدن وقد تنفصل عنه.

قوله: (ومن فتنة المحيا والممات) الفتنة: الامتحان والابتلاء، والمحيا والممات: أي الحياة والموت، ويحتمل زمان ذلك، لأن ما كان معتل العين من الثلاثي قد يأتي منه المصدر والزمان والمكان بلفظ واحد، وفتنة المحيا: ما يعرض للإنسان في حال الحياة من فتن وابتلاء بالشبهات التي يلتبس عليه بسببها الحق بالباطل، أو بالشهوات التي ينهمك بسببها في حب الدنيا والتعلق بها، حتى يكون ذلك سبباً في زيغه وضلاله وانهماكه في الملذات.

وأما فتنة الممات ففيها قولان:

الأول: ما يكون عند الموت ساعة الاحتضار، وأضيفت إلى الموت لقربها منه، ونص عليها وإن كانت من فتنة الحياة، لعظيم خطرها حيث إن الشيطان يكون أحرص على إغواء بني آدم في تلك الساعة الحرجة، لأنها خاتمة الحياة، وعليها مدار سعادته أو شقائه.

القول الثاني: أن المراد بفتنة الممات: ما يحصل للميت بعد موته حين يسأل في قبره عن ربه ودينه ونبيه، وعلى ذلك مدار تنعيم الميت في قبره أو تعذيبه.

قوله: (ومن شر فتنة المسيح الدجال) المراد بفتنة المسيح الدجال: صده الناس عن شرع الله تعالى بما يأتي به من أسباب الفتنة، وخصَّها بالذكر وإن كانت من فتنة المحيا، لأنها أعظم فتنة على وجه الأرض، كما ورد عن عمران بن حصين رضي الله عنه أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة أمر أكبر من الدجال» (١).

والمسيح الدجال: رجل أعور يخرج في آخر الزمان يدَّعي الربوبية، مكتوب بين عينيه: ك ف ر، أي كافر، يقرؤها المؤمن وإن لم يكن قارئاً، سُمِّيَ مسيحاً: لأنه ممسوح العين، أو لأنه يمسح الأرض بسيره فيها.


(١) أخرجه مسلم (٢٩٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>