للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وسُمي دجالاً: لكثرة دجله، فهي صيغة مبالغة، والدجل: الكذب والتمويه، وقد وردت الأخبار الصحيحة بخروجه في آخر الزمان من ناحية المشرق، وخروجه من أشراط الساعة العظام، نسأل الله أن يعيذنا ويعصمنا منه.

الوجه الثالث: الحديث دليل على أن المصلي مأمور بالاستعاذة بالله تعالى من هذه الأربع في التشهد الأخير من كل صلاة فرضاً ونفلاً، وقد كان النبي صلّى الله عليه وسلّم يستعيذ من هذه الأربع، وأَمَرَ الأمة بها، فاجتمع فيها القول والفعل.

والأمر بالدعاء بالاستعاذة منها في الصلاة دليل العناية بها، فإن وقاية العبد منها سبب للفلاح في الدنيا والآخرة، فإنها أمور عظيمة يشتد البلاء، ويعظم الخطر في وقوعها.

والجمهور من أهل العلم على استحباب هذا الدعاء، فيكون الأمر للندب، والنبي صلّى الله عليه وسلّم قد علم الأمة دعوات كثيرة يدعون بها بعد التشهد الأخير.

وقالت الظاهرية بالوجوب (١)، وبه قال طاوس بن كيسان اليماني؛ لفعل النبي صلّى الله عليه وسلّم وأمره به، وقد قال: «صلوا كما رأيتموني أصلي»، واختار هذا القول الشيخ عبد العزيز بن باز، وقال: (إن القول بالوجوب قول قوي للأمر بها).

وقد أخرج مسلم من طريق أبي الزبير، عن طاوس، عن ابن عباس رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان يعلمهم هذا الدعاء كما يعلمهم السورة من القرآن، يقول «قولوا: اللهم إنا نعوذ بك من عذاب جهنم … » الحديث)، قال مسلم بن الحجاج: (بلغني أن طاوساً قال لابنه: أدعوت بها في صلاتك؟ فقال: لا، قال: أعد صلاتك، لأن طاوساً رواه عن ثلاثة أو أربعة أو كما قال) (٢).

وظاهر ذلك أن طاوساً يعتقد وجوب هذا الدعاء، وكأنه تمسك بظاهر الأمر به، كما تقدم، ويحتمل أن يكون أمر ابنه بالإعادة تغليظاً عليه، لئلا يتهاون بتلك الدعوات فيتركها، فيحرم فائدتها وثوابها، والله تعالى أعلم.


(١) "المحلى" (٣/ ٢٧١).
(٢) "صحيح مسلم" (٥٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>