للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الوجه الثالث: في شرح ألفاظه:

قوله: (بمنى) بكسر الميم، اسم مكان من مشاعر الحج، سمي بذلك لأنه تُمنى فيه دماء الهدايا، أي: تُراق بالذبح والنحر.

قوله: (وهو على راحلته) جملة حالية، والراحلة: المركب من الإبل ذكراً كان أو أنثى، وبعضهم يقول: الراحلة: الناقة التي تصلح أن تُرحل، يقال: رحلت البعير، أي: شددت عليه رحله، وهو كل شيء يعد للرحيل، من وعاء للمتاع ومركب للبعير وحِلْسٍ ورَسَنٍ …

قوله: (ولعابها) اللعاب: بضم اللام ما سال من الفم، يقال: لَعَبَ يَلْعَبُ - بفتحتين - سال لعابه من فمه، ولعاب النحل: العسل.

قوله: (على كتفي) يحتمل الإفراد والتثنية، والكتف: بفتح الكاف وكسر التاء، هو عظم عريض خلف المنكب، وعند أحمد في إحدى رواياته، والترمذي: (يسيل بين كتفيَّ) بالتثنية.

الوجه الرابع: الحديث دليل على أنه ينبغي للخطيب أن يكون على مكانٍ عالٍ كمنبر وكرسي ونحوهما؛ لأنه أظهر لصوته، وأبلغ في الإعلام، وأهيب للسامعين، وأسهل للسؤال.

الوجه الخامس: الحديث دليل على حرصه صلّى الله عليه وسلّم على تبليغ الأحكام للأمة، وذلك بالخطبة، وأنه ينبغي لمن ولي أمر الحجاج أن يخطب فيهم بمنى، ليعلمهم بقية أحكام المناسك من الرمي والنحر والحلق والطواف.

الوجه السادس: فيه دليل على جواز الخطبة والموعظة على الراحلة وأن هذا مباح لوجود المصلحة، ولأنه لا يتكرر ولا يطول، وقد ورد أن النبي صلّى الله عليه وسلّم وقف عشية عرفة على راحلته (١)، وأما ما ورد من النهي عن ذلك فهو محمول على ما إذا أجحف بالدابة، وذلك بأن يركبها لا لمعنى يوجبه، وإنما ليستوطن


= ابن التركماني: (هذا سند جيد)، وقال البوصيري في "الزوائد" (٢/ ٣٦٨): (وهذا إسناد صحيح ورجاله ثقات)، وقد تكلم الألباني في "إرواء الغليل" (٦/ ٨٧) عن الحديث، وذكر شواهده وخرّجها.
(١) أخرجه البخاري (١٦٦١)، ومسلم (١١٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>