للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ظهرها ويتخذه مقعداً (١)، وقد ورد من طريق يحيى بن عمرو السيباني - بالسين المهملة - عن أبي مريم، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «إياكم أن تتخذوا ظهور دوابكم منابر، فإن الله إنما سخرها لكم لتبلغكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس، وجعل لكم الأرض، فعليها فاقضوا حاجتكم» (٢).

الوجه السابع: الحديث دليل على طهارة لعاب البعير وأنه ليس بنجس؛ لأن الظاهر أن النبي صلّى الله عليه وسلّم رأى اللعاب يسيل على كتف عمرو بن خارجة رضي الله عنه ولم يأمره بغسله، وإقراره على الشيء من سنته، ولو فُرض أنه صلّى الله عليه وسلّم لم يعلم فإن الله تعالى يعلم، ولو كان نجساً لم يقره الله عليه، فإقراره عليه دليل على طهارته.

ومثل البعير في ذلك سائر بهيمة الأنعام من البقر والغنم وغيرهما من كل حيوان مباح الأكل، فلعابه وبوله وروثه وسائر فضلاته كلها طاهرة.

ومما يدل على ذلك حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه، وفيه: (قال: أُصلي في مرابض الغنم؟ قال: «نعم»، قال: أُصلي في مبارك الإبل؟ قال: «لا») (٣)، فأذن له صلّى الله عليه وسلّم أن يصلي في مرابض الغنم، ومرابضها لا تخلو من بولها وروثها، وذكر النووي: أن هذا متفق عليه بين العلماء (٤).

وأما النهي عن مبارك الإبل فليس من أجل النجاسة؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم أذن للعرنيين أن يلحقوا بإبل الصدقة ويشربوا من ألبانها وأبوالها (٥)، وإنما لما ورد في حديث البراء بن عازب رضي الله عنه قال: (سئل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن الصلاة في مبارك الإبل؟ فقال: «لا تصلوا في مبارك الإبل، فإنها من الشياطين … » (٦) الحديث).

الوجه الثامن: فيه دليل على تيقظ الصحابي وحفظه للحديث، وذلك بنقل الحالة التي قارنت سماعه من النبي صلّى الله عليه وسلّم، والله أعلم.


(١) "تهذيب مختصر السنن" (٣/ ٣٩٤)، "فتح الباري" (٣/ ٥١٣).
(٢) أخرجه أبو داود (٢٥٦٧)، ويحيى بن عمرو ثقة، وأبو مريم: قال عنه العجلي في "الثقات" ص (٥١٠): (شامي تابعي ثقة) فالحديث صحيح، كما ذكر الألباني في "الصحيحة" رقم (٢٢).
(٣) أخرجه مسلم (٣٦٠).
(٤) "شرح صحيح مسلم" (٣/ ٢٨٩).
(٥) أخرجه البخاري (٢٣٣)، ومسلم (١٦٧١).
(٦) أخرجه أبو داود (١٨٤)، والترمذي (٨١)، وابن ماجه (٤٩٤)، وأحمد (٣٠/ ٥٠٩ - ٥١٠)، وإسناده صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>