للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد وقع عزو الحديث إلى الترمذي في طبعة «محمد حامد الفقي» «للبلوغ»، وكذا في نسخ «سبل الإسلام»، والظاهر أن ذلك من النساخ، فإن الحافظ نفسه عزاه في «التلخيص» إلى الدارقطني فقط (١)، وقال الطيب آبادي في «التعليق المغني»: (أخرجه البيهقي والبزار، كما في بلوغ المرام) فلم يذكر الترمذي.

الوجه الثاني: الحديث دليل على أن الإمام يتحمل عن المأموم السهو، فإذا سها المأموم دون إمامه، كأن يجلس في قيام أو يقوم في جلوس سهواً ونحو ذلك، فلا سجود عليه، وهذا قول الجمهور من أهل العلم، بل حكى ابن المنذر عن إسحاق أنه إجماع أهل العلم (٢).

وهذا الحديث وإن كان ضعيفاً في سنده، لكن معناه صحيح، ومعلوم من سنة النبي صلّى الله عليه وسلّم وهديه في صلاته، فإنه عَلَّمَ الصحابة رضي الله عنهم أحكام سجود السهو، ولم يأمر المأمومين إذا سهوا أن يسجد الواحد منهم، مع أن وقوع السهو منهم أمر لا يمكن لأحد إنكاره، ومع ذلك فلم ينقل أن أحداً منهم سجد بعد سلامه صلّى الله عليه وسلّم، ولو كان مشروعاً لفعلوه، ولو فعلوه لنقلوه، فلما لم ينقل دل على أنه لم يشرع، ولم يقع، ويدل لذلك عموم قوله صلّى الله عليه وسلّم: «إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه … » (٣)، فهذا يدل على أن المأموم يتابع إمامه، حتى إن متابعة الإمام مقدمة على الإتيان بالتشهد الأول إذا قام عنه الإمام، كما تقدم.

وقد حكى الصنعاني عن الهادي - من أئمة الزيدية - أن المأموم إذا سها في صلاته فإنه يسجد للسهو، خلافاً للجمهور - ومنهم إمامه زيد بن علي - ورجح الصنعاني هذا القول (٤)، وهو قول ضعيف، لا يعول عليه، ويرده ما تقدم، وبه يأخذ بعض الوافدين، كما نشاهدهم في الحرم المكي إذا سلم الإمام أتى الواحد منهم بسجدتين، فإذا سئل عن ذلك قال: إنه سها، والله المستعان.


(١) (٢/ ٦).
(٢) "الأوسط" (٣/ ٣٢١).
(٣) سيأتي إن شاء الله برقم (٤٠٦).
(٤) "سبل السلام" (١/ ٤٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>