الوجه الثالث: استثنى العلماء - رحمهم الله - من تَحَمُّلِ السهو عن المأموم مسألة، وهي ما إذا كان المأموم مسبوقاً بركعة فأكثر فإنه يسجد للسهو إذا سها مع الإمام أو سها فيما انفرد به، وذلك ليجبر صلاته، لأن له حكم الانفراد بسبب الركعة أو الركعات التي فاتته، ولأنه إذا سجد بعد قضاء ما فاته لا يحصل منه مخالفة لإمامه.
أما المأموم الذي دخل مع إمامه من أول صلاته، فصلاته تامة ومنجبرة بصلاة إمامه.
الوجه الرابع: دل الحديث على أن سهو الإمام يوجب السجود على المأموم ولو لم يسهُ المأموم، وهذا دلت عليه الأحاديث الصحيحة، وحكي فيها الإجماع.
وظاهر الحديث أن المأموم يتابع إمامه في سجود السهو ولو كان بعد السلام، وهذا ظاهر إذا كان المأموم قد دخل مع إمامه من أول الصلاة فإنه يسجد معه ولو بعد السلام.
فإن كان المأموم مسبوقاً وسجد الإمام بعد السلام فالمشهور عند الفقهاء أنه يسجد مع إمامه ولو بعد السلام، حتى قالوا:(إذا قام ولم يستتم قائماً لزمه الرجوع ليسجد مع إمامه).
والقول الثاني: أن الإمام إذا سجد للسهو بعد السلام لا يلزم المأموم متابعته، لأنها متعذرة، لأن الإمام سيسلم، ولو تابعه في السلام لبطلت الصلاة لوجود الحائل دونها وهو السلام، فإذا أتم المأموم قضاء ما فاته سجد للسهو بعد السلام إذا كان السهو فيما أدركه مع الإمام، وأما إذا كان السهو فيما مضى من صلاة الإمام قبل أن يدخل معه المأموم لم يجب عليه السجود في هذه الحال، والله تعالى أعلم.